منطقة الشرق الأوسط لديها الخيار فأما أن تستمر في التمتع الأليم بدور المطرقة أو تدرك بأنها منطقة , والفرق بين المطرقة والمنطقة ,أن المطرقة تعني أن الدول تتحول إلى مطارق تطرق رأس بعضها البعض.
وهذا ما مضت عليه العقود في القرن العشرين ولاتزال الدول تطرق نفسها بالتمزق والتصارعات الطائفية التحزبية , وتطرق بعضها في حروب ومناوشات وتفاعلات إستنزافية تتسبب بالفقر والحرمان والقتل والتهجير , والخراب والتدمير الشامل للبنى التحتية ومتطلبات الحياة.
والمنطقة تعني أن تقيم الدول فيها علاقات إيجابية ذات قيمة إقتصادية وأمنية وإقتدارية , تتميز بوحدة المواقف والتآلف والعمل المتكاتف لإرساء دعائم التقدم والرقاء الكامل لشعوبها.
فمن أهم آليات المنطقة أن تدرك شعوبها بأنها يجب أن تتعاون , خصوصا تركيا وإيران والعرب أجمعين , فالمنطقة عليها أن تغادر آليات المطرقة وضلالات الهيمنة والنفوذ , وغيرها من التفاعلات البدائية المنافية لواقع العصر الذي هي فيه.
فالمنطقة قوية وفيها مؤهلات الصيرورة العظمى والإقتدار العالمي الأبهر , لكنها تبدد ما فيها بإستنزاف ما فيها , فلا توظف طاقاتها ومؤهلاتها بإيجابية حضارية ذات مردودات تنموية , ومسارات تطورية تواكبية متنافسة مع واقع حال العصر المتنامي الإبداع.
والمنطقة لا يمكنها إلا أن تكون أو لا تكون , وإن بقيت على وضعها الذي هي فيه من تفكير وتصور ومنطلقات ظلامية , فأنها ستتحول إلى ثريد وقديد , وأطباق شهية على موائد الإفتراس الحضاري المبيد , الذي يتحفز لأية فرصة ذات قيمة إلتهامية وإستحواذية , ومجتمعات المنطقة توفر أخصب الفرص لأعدائها الذين يجيدون مهارات إستثمار ما يدور بين مجتمعاتها من تصارعات مأساوية.
ولهذا فأن أية خطوة تقارب ما بين دول المنطقة هي إنطلاقة إيجابية يجب البناء عليها وتطويرها , للوصول إلى إتحاد متفاعل على غرار الإتحاد الأوربي لتأكيد القوة والقيمة والدور الحضاري.
ولكي تكون المنطقة متوافقة مع إيقاع عصرها على السعودية ومصر وباقي الدول العربية وإيران وتركيا , إعادة النظر بتصوراتهم وسياساتهم للخروج من نفق الضياع والخسران , والبحث عن صيغ تفاعلية تحاورية جامعة ومؤلفة للقلوب والسياسات والتصورات , لكي تمضي المنطقة على سكة العمل الجاد والنافع الصالح لجميع الناس فيها , فعلى الدول كافة أن تفكر بالصالح المشترك والمنفعة الحضارية والإقتصادية , وأن توقف نزيفها العارم المدمر المشين , فما هي المنفعة من تعادي مصر وتركيا , وإيران والسعودية؟!!
فلماذا تتعادى دول المنطقة ولا تتآخى؟!!
وأيهما أنفع التعادي أم التآخي.!!
ليفكر قادة المنطقة ويتحقق عندهم شعور بالمسؤولية أمام الأجيال!!