منذ ان بدأت اميز الحجر الاسود من قبة “الحسين” عليه السلام ، انبثق بداخلي ذلك الكابوس السعودي، الكابوس الذي ما انفك يتلو علينا تراتيل الموت والخراب، كل ليلة يؤرقني ذلك الحلم بصورة الارهابي السعودي رافعا راس الجندي العراقي ودماء الكرامة تسيل من نحره، ينمو ويتكاثر هذا الكابوس كلما مرت السنين وهرمت، لم اجد طريقا لوصف بلد الرسول “محمد” الجار لبلد النبي”يونس” ، غير كونه مسوق لبضاعة الخراب والتدمير، وكأنه ولد لدمار العراق، الافكار والاراء تصب في منبع واحد وهي اللون الاسود سيظل اسود، والسعودية ستظل بعين الكاتب وعين الاجيال القادمة، انسان وحشي لا يريد بالعراق غير دمارا وفساد، فهل لكابوس القتل من انقضاء؟
بعد عجاف “يوسف”، وقحط الايام، بعد ان ابتلع الشعب العراقي سنارة الحرب الطائفية، حين اغلقت عين القومية العربية بات الشعب ينظر بعين المذهب والتكتل، والانزواء تحت سقف ايران الشيعية، فهل لبداية النهاية من انطلاق؟ هل لشمس المسلم بلا مسميات الشيعي والسني من بزوغ، هل تتجرد قبلة المسلمين في العالم من خمار التكفير والتسقيط فلا اتباع الحسين عبدة الحجارة ولا صلاة التراويح بدعة “لعمر”، هل ينتفي مسمى ابناء المتعة والمسيار؟
ان ماتشهده الساحة السياسية والانصهار التفكيري بالابتعاد عن التكتل والمذهب، والانخراط خلف المسميات الدينية، فالسياسية تهدف لمصلحة البلد، والدين لنجاة الانسان من النار، بعد النوايا الاخيرة للامير السعودي “محمد بن سلمان” والهدف من وراء احتواء شيعة العراق قد كشرت عن انيابها بوجة حرب البسوس الفكرية التي فتكت بالدولتين العراقية والسعودية لسنين ليست بقليلة، فقد باتت ملامح التغير السعودي واضحة للحد من عنصرية الفكر السياسي داخل ارض الكعبة، حيث باتت النوايا واضحة في انفصال التيار الديني عن التيار السياسي، وكما ان الدعوات التي وجهت لبعض الرموز العراقية، كانت تهدف من خلالها انشاء معابر جديدة لتبادل البضائع المادية والفكرية من خلال معبري “عرعر و جميمة”، وكذلك ارسال وفود تجارية وصناعة لبغداد لاطلاق عصر جديد لاستثمار السعودي داخل العراق وكذلك بهدف سحب البساط من تحت اقدام الجمهورية الايرانية،
اقرب شيء لقلب الرجل معدته كما يقال ، فأن “ابن سلمان” اخذ يضرب على الوتر الحساس في استقطاب شيعية العراق بفتح منهاج غير مؤلوف داخل الحدود السعودية من سنين مضت، فقد وضع ستراتيجية تنمية أئمة البقيع وتقديمها لشيعة العراق ليكونوا اول الشيعة العرب الذين سيصلون الى “ائمة البقيع” والذي من شئنه ان يأثر ايجابيا في النفوس الشيعية العراقية، فتقبر سنين الحقد الطائفي، وآلآم الدماء التي استبيحت، والجانب الاهم هو ماسيرد على المملكة السعودية من ملايين الدولارات على طول العام.
مصائب قوم عند قوم فوائد، قد يكون التطور الملحوظ في النهج السعودية بدوافع او توصيات امريكية لضرب مصالح تواجد النفوذ الايرانية داخل العراق منذ سنين طويلة، ولكن الاهم هي ماقد ينتج من تنازلات بين الدولتين تصب مصالحها في الروافد العراقية وقد تنتقل الحرب بالنيابة والطائفية من ارض العراق الى اراضي اخرى، ان ما يجول من تصريحات هنا وهناك على لسان وزير الخارجية السعودي “ثامر السبهان” قد تكون هادفة بصورة واضحة للاستثمار في العراق في المجال الزراعي والتجاري والصحي والبنية التحتية والهدف تأهيل العراق، وهذا سيعزز الاندماج بين البلدين وسوف تنحسر المسافات التي صنعها الساسة الطائفيون في العراق بين الشيعة والسنة وتعود اللحمة المجتمعية في العراق رويداً رويدا.