23 ديسمبر، 2024 10:57 م

انتشار الأمية من أولويات الحكومات الدينية

انتشار الأمية من أولويات الحكومات الدينية

في عالمنا الكبير حكومات تعمل وفقا بالعقلية الدينية وهناك حكومات علمانية بفتح العين لا تهتم بهذه المفردة ولكنها لا تحارب من يكون بعقل ديني مادام أنه لا يخل بالنظام ولا ينتهك القوانين ، من المعروف أن الحكومات الدينية لا تهتم بالعلم لأنها تعلم جيدا أن العلم والدين فيهما نوع من البعد وبنفس الوقت فيهما من التقارب الكبير ولكن متى تكون هذه المسافة بين العلم والدين قريبة ومتى تكون بعيدة ، تكون بعيدة عندما تكون السلطة الحاكمة تنتمي للدين السياسي وهؤلاء لا يرغبون بالعقل النير ، فالعقل النير يرفض الكثير من الخزعبلات ولكن ليس بالضرورة يكون هذا العقل بعيداً عن الدين بل على العكس يكون قريباً إلى الدين من منظور عقلي وهذا ما نقصده بالقرب بين الدين والعلم .

إن الإسلام السياسي هو العدو المبين للعقل لأنه يستلهم الفكر من خلال الخزعبلات ليسيطر على عقول السذج من أبناء الشعب وبنفس الوقت يعلم جيدا أن التعليم يعني تنوير العقل وتنوير العقل يعني صعوبة السيطرة على ردود أفعال الإنسان وهذا التنوير يعني الخروج على الإسلام السياسي وبنفس الوقت يعني الخروج على الحاكم أو الرئيس وهذا ما لا يعجب قادة الإسلام السياسي ، لذا نرى إن الدول التي تحكم باسم الإسلام السياسي تحاول جاهدة إفشال العلم والتعليم لأنها لا تريد خروج الإنسان من حالة القصور العقلي وترغب أن يبقى الإنسان أسير الخرافات والأساطير والخزعبلات التي يسطرها وعاظ السلاطين ، لذا تحاول أن تنشر الأمية بطريقة غير مرئية لأن الأمية هي السبيل الوحيد لديمومة السيطرة على عقول الناس ، ولهذا نرى أن حالة التزوير في الشهادات الجامعية تكون مدعومة من الدولة وهذا ما جرى ويجري في العراق وبالذات عندما تم إعفاء المزورين والمفارقة المضحكة أن دولتنا أعفت المزورين ولكنها تحكم بالسجن بمدة تتراوح ثلاث سنوات على كل من يزور هوية الأحوال الشخصية حتى لو كان التزوير مجرد تلاعب بالاسم فقط ، وبحسبة صغيرة نرى أن نسبة الأمية ارتفعت ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة وبنفس الوقت نشهد زيادة في إحياء الشعائر الدينية والغلو في طقوسها ، لست هنا بناقد لإحياء الشعائر ولكن كما هو معروف أن كل زيادة هي كالنقصان فكلما زاد الشيء عن حده أنقلب ضده ، من أولويات الحكومات الدينية هي زيادة الوعي بطريقة سلبية أي وعي تراجعي لأنها تعلم إن استمرارها مرهون بزيادة الأبتعاد عن العلم والعلماء، لهذا نراها تدعم الخزعبلات وتهولها وتتمسك بالأساطير وبضرورة الانقياد الأعمى للقائد الديني لأنها تعلم إن سر بقائها مرهون بتعطيل العقل والعكس صحيح أي كلما فكر العقل وتثقف وتوسعت مداركه سيكون بالضد من الإسلام السياسي ، لكن هذا لا يعني أن الإسلام يقف بالضد من العلم أو العلم يقف بالضد من الإسلام ولكنه يقف بالضد من الإسلام السياسي ، فالإسلام يختلف عن الإسلام السياسي ، فالأول إسلام الروح والدعوة الخالصة لتعاليم الله والقرآن والرسول وأهل البيت الأطهار والثاني الدعوة للتمسك بأقوال من يدعي أنه ظل الله في الأرض وهنا وجب أن نذكر مقولة للإمام الخميني عندما قال ” الخارج علينا كالخارج على الله ” وهو معذور لأنه يعتقد أنه ظل الله في الأرض وهو سليل الأنبياء ولو لم يكن الرسول الأكرم خاتم الأنبياء لرأينا عشرات الأنبياء والرسل ولكن للأسف هذا القول قطع الطريق على المتلونين والوصوليين لكن لم يمنع هذا الأعتراف بان الرسول خاتم الأنبياء فهناك بعض الأشخاص من قلب الحقائق بطريقة غريبة ولنا مثال في الإمام الخميني عند قوله ” الخارج علينا ” وتعني من لا يطيعنا ، وعندما قال ” كالخارج على الله ” ويعني بها أن هذا الشخص خرج من رحمة الباري وأصبح من جنود الشيطان ، مسكين هذا الشيطان الكل ينتقده علنا ويلعنه والكل يفعل موبقات يندى لها حتى جبين الشيطان نفسه وتأخذه العزة بالنفس ويأبى أن يفعلها بنفسه .

ينتقدون العلمانيين معتبرين إنهم بعيدون عن الدين وهذا هو التحريف في المفاهيم فالعلماني ليس من هو بعيد عن الدين أو هو الملحد كما يحلو للبعض هذه التسمية ولكنه رجل يرى من الضروري إبعاد الدين عن السياسية لأننا لسنا بزمن الرسول ولكن من مقتضيات التطور والمدنية أن نبعد الدين عن السياسة لأن السياسة لا تفهم الفضيلة والإسلام لا يفهم الرذيلة وشتان بين الأثنين .

منذ القدم كانت العلاقة ما بين رجل السياسة ورجل الدين هي علاقة نفعية ، ورجل السياسة دائما يبحث له عن مسوغات لديمومة الحكم ورجل الدين هو من يوظف هذه المسوغات بطرق غيبية مع إضافة فكرة الشيطان وإبليس حتى تكون الفكرة مقبولة عند السامع ولهذا نجد إن العلاقة دائما قوية بين رجال السياسة ورجال الدين لأنهم يعملون وفق منظور واحد وإن اختلفت أطر العمل ، الدول التي تتبنى هذه الفكرة تحاول جاهدة زيادة الأمية والتخلف بين المواطنين لأنها تعلم إن أي تطور لمنظومة العقل تقود للتمرد على هذه الشلة الفاسدة والتمرد يعني زحزحة كرسي السلطة وبنفس الوقت يعني كسوف الانقياد الأعمى لرجال الدين وتقليل لشأنهم الخاوي وعليه إن فكرة زيادة الوعي فكرة ترعب رجال الساسة ورجال الدين وهنا وجب علينا أن نقول واهم من يظن أن دولة تدعي إنها دولة دينية أو إسلامية تسعى لتطور عقول الشباب لأنها تعلم أن هذا التطور هو المسمار الأخير في نعش السلطة وخير مثال عندما تم تسنم علي الأديب قيادة أهم وزارة وهي وزارة التعليم العالي وهو يفكر في كل فترة بزيادة الهوة ما بين الشباب والعلم والتركيز على بناء الجوامع والحسينيات وربما يخصص لكل جامع قارئ ورادود والطلاب يلطمون والطالبات ينتحبن وهيهات دخول طالبة في هذه الأيام دون أن تلبس السواد ، إنهم يحاولون تحجيم العقل بحجة الولاء للدين والطائفة والشعائر الحسينية دون الاكتراث للعمل فالعلم كما أسلفنا هو جواز سفر سريع لرجال الإسلام السياسي وهم يريدونها دار للخلود  أبا  ثم  أولادا  ثم أحفادا .