کثيرة و متنوعة الاراء المطروحة في مختلف المقالات و البحوث و الدراسات بشأن النفوذ الايراني في العراق بعد إستعادة الاراضي من قبضة هذا التنظيم، وکيف سيصبح النفوذ الايراني في هذا البلد، والملاحظ إن هناك إجماع ملفت للنظر على بقاء النفوذ و إستمراره، لکن السٶال المهم الذي يطرح نفسه هو: هل إن النفوذ الايراني في العراق سيتعاظم أکثر في العراق بعد داعش مثلما ترسخ و توسع أکثر بعد دخوله للعراق؟
من السذاجة التصور بأن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و بعد تفاقم مشاکله على أکثر من صعيد و صيرورة نفوذه في بلدان المنطقة تحت الاضواء، سيبادر الى تقليص نفوذه أو إنه سيبادر للتجاوب مع الضغوط الاقليمية و الدولية فيخفف من نفوذه و دوره في بلدان المنطقة عموما و العراق خصوصا، إذ إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و في وضعه الحالي لايمکن أن يستمر بصورة مٶثرة تلبي طموحاته فيما لو تم تقليص أو تحجيم دوره في المنطقة عموما و العراق خصوصا، فذلك ماسيرتد عليه داخليا، فهو طالما قام بتسکين و تهدئة الداخل بمبررات إستمرار نفوذه في المنطقة و تأکيده على لسان القادة و المسٶولين الايرانيين وفي مقدمتهم مرشد النظام من إنهم لو لم يقاتلوا في شوارع بغداد و دمشق و بيروت لکان عليهم أن يقاتلوا في شوارع طهران و اصفهان و غيرها.
الدور الايراني في العراق و الذي صار دورا مکروها و مرفوضا من جانب الشعب العراقي خصوصا بعد أن لعب دورا بالغ الخبث في اللعب على الوتر الطائفي لصالح ترسيخ و توسيع نفوذه وليس لأي صالح آخر، بل والانکى من ذلك إن الشيعة العراقيين صاروا أکثر من يرفض هذا الدور المشبوه و يتطلع لإنهائه و تخليص العراق من بين براثنه، ولاريب إن النظام الايراني يعلم جيدا قبل غيره بهذه الحقيقة، ولهذا يحاول بکل قوة في وضع سيناريوهات جديدة بعد داعش من شأنها أن تعطي الشرعية و المبررات و المسوغات اللازمة لإستمرار دوره في العراق.
قوننة الميليشيات التابعة له، کانت خطوة استراتيجية لطهران من أجل التحوط لمحاذير المستقبل و تداعياته المنتظرة، خصوصا بعد أن بدأ الخلاف يدب في البيت الشيعي وصارت هناك أصوات ترتفع من داخله ضد اساليب طهران في إستمالة و دفع و تحريض بعض أقطاب هذا البيت بإتجاهات لاتصب إطلاقا في مصلحة الشعب العراقي لامن بعيد ولامن قريب، ناهيك عن إن أطراف شيعية قد إنتبهت الى أهمية العمق العربي للعراق و ضرورة أن يجري العمل من أجل خلق حالة من التوازن على أقل تقدير بينه و بين الدور الايراني، وهذا مايقلق بالضرورة طهران و يجعلها تفکر ألف مرة في نتائج و تداعيات مثل هکذا خطوة من شأنها فضح مختلف جوانب دوره المشبوه في العراق، والذي يرعب طهران أکثر من أي شئ آخر، هو إن هناك حالة من التقارب و التعاطف العربي مع طموحات و تطلعات الشعب الايراني و المقاومة الايرانية من أجل الحرية و الديمقراطية، وتتخوف من إنعکاس هذه الحالة و إنسحابها على المشهد العراقي وکما هو معلوم فإن في السياسة کل إحتمال قائم، ومن هنا، فمن الواضح جدا إن هناك أکثر من سيناريو”خبيث”تم إعداده في طهران تحسبا لمرحلة مابعد داعش والتي تتخوف طهران منها کثيرا، لکن مايبعث على الامل و التفاٶل هو إن الدور الايراني في العراق قد بات مکشوفا وإن کل مايفعله و يقوم به هو في النتيجة معروف ولايمکن تمريره على رٶوس العراقيين.