لو سلمنا جدلاً أن العراق موحداً بمكوناته وشعبه ، فالسنة شريك اساسي في البلاد وهذه الحقيقة واقعية وموضوعية لا يمكن تجاهلها او تجاوزها لاعتبارات شتى ، لان هذا الشريك نتاج حكومات متعاقبة على حكم العراق منذ تأسيسه ، وبحساب بسيط لا يحتاج الى مراجعة مراكز الاحصاء نجد ان السنة العرب لا يمثلون سوى 15% من سكان العراق الى جانب السنة الاكراد الذين يفضلون القومية على المذهب فهم بنفس النسبة او ربما أقل ، وعلى أساس هذا الحساب حكم سياسيوا السنة العرب في بلاد الرافدين وتوارثوا كرسي الحكم منذ ذلك الوقت ، مع بقاء المكونات الأخرى على حالها دون أي تغيير في حقوقها او انتمائها الوطني المشكك به اصلاً ، فالشيعة الذين يمثلون 65% من الشعب العراقي عاشوا تحت سطوة الحكم السني دون أي تغيير في اوضاعهم بل اتهموا في انتمائهم الوطني وأصبحوا أما عجم او فرس او رافضة وغيرها من التسميات التي اصبحت لغة الفاشلين والمنهزمين .
اليوم وبعد التغير مازال هذا الشريك يعاني من اوهام العظمة ، وأحلام العودة الى السلطة والجاه والنفوذ مرة اخرى ، وإعادة امجاد حكم الصبيان وعصابات التهريب والمرتزقة ، كما أن هذا الشريك يسير ويعمل بأجندات مختلفة ومتعددة داخلية كانت او خارجية وسار وفق سياسة ( خذ وطالب) وأعمل على التخريب وارفع صراخ المظلومية ، وساروا وفق هذه الاجندة وحصلوا على مغانم كثيرة في ظل حكومة المالكي الفاشلة .
ومن هذا المنطلق يمكن تصنيف السنة العرب الى ثلاثة فرق :-
1) فريق الحكم والذي يمثل المكون السني في السلطة ، وهو من يأخذ كامل الحصة السنية في الحكم والمغانم ولكن دون ان يعترف بهذه الحكومة او عموم العملية السياسية ، وهولاء يرتزقون على وجودهم فقط .
2) فريق معارض ، وهو الذي يشتم ويسب ويتهم ويسقّط برجال الحكم من السنة والشيعة على حد سواءً ، ويعملون على التخريب بأي صورة كانت على امل تحقيق حلم العودة الى الحكم مرة ثانية .
3) الفريق الداعشي ، وهو الفريق الذي يعترف بعدائه المعلن للشيعة وحكمهم بل لعموم العملية السياسية ، يقدمون العد المعنوي والمالي لداعش .
الشريك السني ومنذ اعلان مشاركته في العملية السياسية يعيش الازمات فلا مرجعية دينية يمكن ان توجه الجمهور او السياسيين السنة ، ولا مرجعية سياسية يمكن لها ان توجه الخطاب السني او توّحد رؤاهم ، الامر الذي جعلهم متعددي الاجندات ويسيرون وفق خطوط مصالحهم سواء محور الشر في المنطقة (التركي – السعودي –القطري) او من خلال وجودهم في السلطة .
اللجان التنسيقية التي انطلقت من عمان ، لمجموعة من سياسي الصدفة الاغبياء الذين تركوا معركة وجودهم على الارض ، وطرد داعش من مدنهم ، ويبدو ان ارض العراق لا تسعهم لانطلاق هذه اللجان لتنسيق موقف جمهورهم المشتت ، وإعادة مدنهم المحتلة من داعش ، ولكن بدون اهداف أو مشروع واضح سوى الحصول على المغانم والمكاسب .
من يسعى الى تشكيل لجان تنسيقية للسنة والذي بالتأكيد هو حق مكفول لهم ، عليه ان ينطلق من جبهات القتال ومواجهة ارهاب داعش ، وتحرير ارضهم وعرضهم وضمان حماية قاعدتهم الجماهيرية ، وان يكون متعايشاً مع العوائل النازحة وهي تعيش حالة البؤس وبرد الشتاء دون أي خدمات تقدم لهم ،سوى دعم المرجعية الدينية العليا وبعض المساعدات الخارجية ، بل ان يكونوا اصحاب مشروع فاعل ومؤثر في الوضع الداخلي او على عموم العمل السياسي ، عسى أن ينتج نخبة سياسية قادرة على النهوض بالواقع السني الهزيل .