عندما يمر المجتمع بظروف غير طبيعية ويدخل بدوامة من التغلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
تعم حالة من الفوضى تختلط بها الأوراق , حيث يصعب على الناس التفريق بين ما هو ديني وما هو (عرفي) أي الأعراف والتقاليد الذي تعارف عليها الناس ويشتد الجدل على أمور تكاد تكون من البديهيات , حيث يعتبر البعض هذه العادات والتقاليد هي نابعة من أعراف توارثتها الأجيال عبر السنين من أباهم واجداهم , ويعتبرها القسم الأخر من الناس هي من صلب الدين ويحرم الاقتراب منها أو حتى من مناقشتها .
فهناك فرق بين ماهو محرم دينيا , وماهو محرم اجتماعيا أو (عرفا) فالدين الإسلامي بين الأمور والسلوكيات المحرمة وبين عقوباتها وحدودها ..
أما المحرم الاجتماعي هو ما خالف العادات والتقاليد والأعراف العامة الذي تربى عليها الناس وتوراثها المجتمع , فليس بالضرورة كل ماهو محرم اجتماعيا أو عرفا هو محرم دينيا , فهناك سلوكيات دأب المجتمع على نبذها وتحريمها والنظر بعين الريبة لمن يمارس هذه السلوكيات وهي بالأصل لايوجد نص صريح على تحريمها
فالمجتمع توارث رفض هذه السلوكيات عبر الموروث الاجتماعي الذي توارثه عبر اسلافة واجدادة
فالسؤال المطروح :هل السلوكيات التي رفضتها الأعراف والتقاليد , هي حرام شرعا أم هي أمور خاضعة للاجتهاد والقراءة والتحليل.. هذا السؤال متروك لأهل الاختصاص الجواب علية,
إن كثرة القيود والمحرمات الذي طرحها الوعاظ من ذوي النظرة الأحادية بغير رؤية واضحة وأسس علمية وفكرية لاتستند إلى المنطق العقلي ,أدت إلى ردت فعل عكسية عند كثير من الناس عامة والشباب خاصة . فكفروا بكل القيم والعادات الاجتماعية واتجهوا نحو الثقافة الغربية الذي استوردها إعلامنا من خارج حدودنا الثقافية .. فأصبح الفرد عندنا يعاني من ازدواج في الهوية الثقافية , فهو من جهة يريد أن يواكب الحضارة والتطور ويعيش وفق ما يتطلبه العصر , ومن جهة يريد الحفاظ على القيم والعادات الاجتماعية الذي توارثتها عبر اجدادة .
فأخذنا من الثقافة المستوردة قشورها وبعض مضارها وبعض السلوكيات الذي لاتلائم ديننا ومجتمعنا وقيمنا وأخلاقنا..
وتركنا العلوم والتكنولوجيا وقيم العدالة والمساواة والحريات العامة حتى تحول الفرد إلى مجرد ديكور خاو من الداخل, هذا التناقض والازدواج بين العادات والقيم وبين قيم الثقافة المستوردة أحدثت قفزة أدت اى تناقض أخر بين الشكل والمضمون للفرد فغدا الشاب عندنا مثل (ليوناردو دي كابريو) في ظاهره أما في جوهرة وداخلة فهو (حجي عليوي)
أي الثقافة المستوردة لن تؤدي إلى تغيرات ايجابية بسبب سوء الاختيار من الإعلام..
وفي محاولاتنا للإصلاح الاجتماعي والأخلاقي الناتج عن سوء استيراد الثقافة الغربية , أوكلنا المهمة إلى التيارات الدينية في محاولة للإصلاح والمعالجة ..فانبرى لمهمة الإصلاح الأخلاقي والفكري أئمة وخطباء الجوامع , وهم لايملكون أدوات الإصلاح فصارو يوعظون الناس ويصبون على رؤوسهم الخطب العصماء فاكثرو من الوعظ والنصائح والتهجم
وغاب عنهم التشخيص والتحليل والتقويم ووضع الحلول .
في الحقيقة إن اغلب خطباء الجوامع غير مؤهلين للقيام بمهمة الإصلاح لان خطيب الجامع في الغالب لايعرف غير لون واحد من العلوم وتربى على رأي فكري معين ومقولب لايستطيع الخروج عن حدود الفكرية الذي تبناها منذ البداية ولايمكنة الخروج عن دائرة القناعات الآمنة, ويريد ان يصبغ كل الناس بهذا الاتجاه وان لم يتبنوا رأيه صار يصب عليهم جام غضبة ويرميهم بشتى الأوصاف وان الله سينزل عليهم العذاب والعقاب , وان هذا الخطاب الوعظي لايصلح للبناء وإنما يصلح لبث الحماس في الجماهير في أوقات الأزمات .
فمهمة الإصلاح الاجتماعي والفكري والأخلاقي يجيب أن يتصدى لها ناس من أهل الاختصاص العلمي والأكاديمي تقودها مؤسسات تملك الرؤى والبرامج وتملك إمكانات مادية وعلمية لتقود المجتمع إلى بر الأمان .