بشرى جديدة ، أقصد آفة جديدة تستهدف الفقراء أيضا كالعادة ، هي الزيادة الدراماتيكية في الغرامات المرورية ، وقد صارت بمبلغ 200 الف دينار كحد أعلى ، وطبعا ستتضاعف هذه الغرامة بعد مرور شهر وتصبح 400 ألف دينار ، خصوصا إن كان السائق غافلا وهذا يحدث كثيرا ، فأكثر من مرة أتفاجأ بغرامة في منطقة لم أصلها مطلقا ! ، أو أن أدفع الغرامة ، لتظهر ثانية عند إجراء معاملة لأنه لم يتم تحديثها فأدفعها ثانية ! ، يبدو أن ضرع مديرية المرور قد جفّ رغم المليارات التي تقاضتها من سيارات (المنفيست) ، وغرامات فرية (الزوجي والفردي) ، الذي إتضح بعد فوات الأوان أنه قرار باطل ظل ساريا لسنوات ! .
على الحكومة معالجة التقصير الأمني ، وتكريس أمن المواطن وحمايته من الخطف والقتل والإرهاب في كل متر يسلكه المواطن في طريقه ، أسوة بدول البشر ، على الحكومة إصلاح الأضوية المرورية العاطلة منذ 14 عاما ، على الحكومة إصلاح الطرق المتهالكة والقضاء على الزحامات المرورية غير المبررة بسبب الخطط الأمنية الفاشلة ، فمن السّهل غلق الشوارع والأحياء بسبب خرق أمني ، دون النظر لتبعات ذلك ، فهذا ليس من الأمن في شيء ، على الحكومة إنارة الشوارع التي تبكي ظلمةٌ ، على الحكومة تحسين نوعية الوقود الأسوأ في العالم ، كل ذلك قبل مطالبته بإرتداء حزام الأمان وملاحقته بالغرامات .
هكذا وضعت الحكومة ، لبنة أخرى من لبنة جدار الفقر الذي عزلهم تماما عن رجل الشارع ، كيف لا وهم طبقة النبلاء (لكن بلا نُبْل) ونحن العامّة ، هل تعرف الحكومة ، أن الغرامات والضرائب والأسعار لا تتناسب وسُلّم رواتب الموظفين والمتقاعدين ؟ ربما تعتقد الحكومة بمبدأ (النستلة) المشهور ! ، وأن متوسط دخل العراقي يماثل نظيره في دول أوربا والبالغ 5000 دولار شهريا ، فأعتقدت أن ذلك فضل منها فأثقلته بالضرائب ، لهذا رفعت كل أشكال الدعم وكل الأسعار ، من سعر البنزين الذي تفاقم بنسبة 2500% خلال سنتين فقط ! ، إلى أسعار خدمة الكهرباء المتهالكة إنتهاءٌ بالبقالة ، وأخيرا وليس آخرا الغرامات المرورية ، خصوصا وأن المتضرر منها شريحة واسعة ، فنحن أصحاب أعلى نسبة في العالم لسيارات الأجرة ، وقد إمتهنها مَن تقطّعت به السّبل من جيوش العاطلين والخريجين لمواجهة الغلاء .
هل حقا ، أن الحكومة تسمع عويل النازحين ، وشكوى المسحوقين ، وإستجداء المتسوّلين ؟ ، بل هل تسمع صيحات الباعة المتجولين في الأزقة والشوارع ، وهي تترجم العَوَز والفقر المدقع ؟ ، هل حقا تعرف الدولة نسبة البطالة وهي الأعلى في العالم ؟ هل تحس الحكومة بتردّي خدمة الكهرباء في المنطقة الأشد حرّا في العالم ؟ ، هل تعلم الحكومة ، أن خدمة الماء لا ترقى إلى قدم واحد فوق الأرض في بلد النهرين ؟ ، هكذا تمخض ذكاء التجار للترويج عن مضخات الماء ، فبدّلوا تسميتها من (ماطور حرامي) إلى مضخة أكثر شفطا أسموه (ماطور برلماني) ، فوجدت تلك الدعاية صداها في الأسواق ! .
حقيقة والله شاهد ، بأني لا أنظر للسياسيين والبرلمانيين بعين النقد والتخوين والتبرم بقدر الشعور بالشفقة ! ، فهم يعرفون أنهم تحولوا إلى علكة تلوكها أفواه العراقيين ، ونكات بالجملة ، وفضائح مدويّة ، هم يعرفونها جيدا والفضل لمواقع التواصل الإجتماعي والإعلام ، إقسم بالله لو كانت لديهم ذرة من الشرف أو الكرامة أو الإعتداد بالنفس لأنتحروا ! ، لكنهم أثبتوا أنهم ليسوا أحرارا ، مجرد مكائن بليدة مبرمجة على الشفط واللغف دون مشاعر وبلا إنسانية ، فتشير آخر الإحصائيات ، ان العراق أكبر متضرر من الإرهاب في العالم من حيث عدد التفجيرات والشهداء ، فهل يوجد دليل دامغ أكثر من ذلك على فشل الحكومة ؟. .