بمناسبة الاحتفال بيوم المحامي 24/8/2017 نهنأ المحامين ونقابتهم وندون ادناه لمحة تاريخية عن مهنة المحاماة:
كان الناس في العهود التاريخية القديمة يتقاضون بأنفسهم أو أنهم يستعينون بأصدقائهم وذويهم. ثم تقدم الحال ووجد لدى الشعوب القديمة ومنهم العراقيون رجال من أهل العلم والذكاء يرجع الناس إليهم في المشورة للحصول على حقوقهم، و قد بقي الحال على هذه الوتيرة حتى اختراع فن الكتابة فأخذ الناس يستعينون بغيرهم ممن يعرف الكتابة جيدا، فكان ذلك أول قدم على طريق نشوء المحاماة.
و بمرور الزمن أصبحت المحاماة ركن من أركان العدالة، وفي بدايات القرن العشرين توسع الحال ونشأت حاجة ملحة في العراق لتدريس القانون ، وتنفيذا لذلك تم تأسيس “(مدرسة حقوق بغداد ) عام 1908 تم افتتاح المدرسة من قبل الوالي العثماني ناظم باشا والي بغداد في يوم الثلاثاء 1-9-1908 والذي يصادف عيد جلوس السلطان عبد الحميد على عرش الإمبراطورية العثمانية وأقيمت حفلة الافتتاح عصر يوم الثلاثاء”. .
وحضرها كبار الموظفين وأركان الجيش ووجهاء البلد، وألقيت الكلمات بالمناسبة وكان من المتحدثين السيد جميل صدقي الزهاوي وبذلك فقد أصبحت “مدرسة الحقوق في بغداد واحدة من أربع مدارس للحقوق في البلاد العثمانية فكانت الأولى في العاصمة إسطنبول والثانية في سلانيك والثالثة في قونية والرابعة في بغداد وكانت كتب الدراسة موضوعة باللغة التركية ومن الكتب التي يدرسها طلاب الحقوق في إسطنبول شرح
المجلة لعلي حيدر وقانون العقوبات وحقوق الدول وقانون التجارة البحرية”
كان للطلبة العراقيين الدارسين في مدرسة الحقوق العثمانية في إسطنبول التي اسست عام (1886 ) م أثر بالغ في إنشاء المدرسة في بغداد حيث
للدراسة في إسطنبول الذين شغلوا مناصب مهمة في العراق أتيحت الفرصة لعدد من الطلبة بعد تخرجهم من تلك المدرسة
وهي مناصب إدارية وقضائية والعمل في المحاماة والأهم من ذلك دعوتهم لإنشاء مدرسة
في بغداد تدرس فيها القوانين وتوفر على الطلبة مشاق السفر والإقامة للدراسة في إسطنبول .
وقد كان من أوائل الطلبة الذين درسوا في مدرسة الحقوق العثمانية وتخرجوا فيها الأستاذ
المحامي عبد الرحيم ضياء من بغداد تخرج عام 1884والمحامي الياس رسام من الموصل
وتخرج عام 1885 والأستاذ عبد الله عوني من السليمانية تخرج عام 1888 والسيد موسى
كاظم الباجه جي من بغداد وتخرج عام 1888 وأشغل منصب رئيس محكمة جزاء بيروت
والمحامي كيروب ستبان من بغداد وتخرج عام 1890.
وعند انحسار الحكم العثماني و احتلال العراق من قبل القوات البريطانية صدر أول قانون في العراق سمي ( قانون المحاماة لسنة 1918 ) حيث صدر بموجب البيان المؤرخ 28/كانون الأول سنة 1917 م أعده ناظر العدلية ( يونان كارتر ) و صدق عليه الحاكم الملكي العام ( ب – ز –كوكس ) بتاريخ 14/ كانون الثاني /1918 بموجب السلطات المخولة له … حيث لم يسمح للمحامين إن يمارسوا عملهم إمام محاكم البداءة ومحكمة الاستئناف إلا بعد الحصول على إذن من ناظر العدلية . أما المحامون الذين تعينهم الحكومة فلهم ممارسة المهنة دون إذن.. وتم بموجب هذا القانون وضع بعض الشروط لممارسة المهنة منها دفع الرسم والتوقيع على لائحة المحامين لدى ناظر العدلية واحترام المحاكم والصدق في العمل والابتعاد عن الغش و احترام الزملاء و المهنة والقانون، وكذلك وضع العقوبات على من يخالف قواعد المهنة
وعند حصول العراق على استقلاله ودخوله عصبة الأمم , وافتتاح كلية الحقوق فقد تكاثر عدد المحامين , وكان لابد من صدور قانون ينظم إعمال المحامين وكيفية ممارسة المهنة فصدر أول قانون لذلك وهو ( قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1933 ) وتم بموجبه تأسيس نقابة المحامين بتاريخ 24/ أب/1933. وبتاريخ 9/ تشرين الأول /1933 جرت الانتخابات لأول مرة في العراق (بأسلوب ديمقراطي) حيث فاز فيها السيد (ناجي السويدي ) نقيبا للمحامين. وبتاريخ 22/ تشرين الأول / 1933 وفي بناية المحاكم (القشلة) و بحضور ( 84 ) محاميا اختير المحامي السيد ( داود السعدي ) نائبا للنقيب، وكذلك اختيار أعضاء الهيئة وهم السادة : علي محمود الشيخ علي، وشفيق نوري السعيدي، وكمال السنوي، وعلاء الدين النائب، ومصطفى عاصم، واحمد عبد الغني الراوي. وتعتبر هذه أول هيئة إدارية لنقابة المحامين في العراق ..
و لما كان عدد المحامين آنذاك في تزايد فقد توالت القوانين بعد إلغاء القانون الأول حيث صدر القانون رقم 84 لسنة 1960 ثم القانون رقم 157 لسن 1964 واخيرا قانون المحاماة رقم 173 لسنة 1965 المعدل، وهو النافذ حاليا بعد صدور عدة تعديلات عليه تجاوزت خمسة عشر تعديلا، و كذلك صدر قانون صندوق تقاعد المحامين رقم 56 لسنة 1981 الذي ينظم حقوق المحامين التقاعدية. .
لقد تعاقب على قيادة النقابة منذ تأسيسها عام 1933 وحتى الآن أكثر من خمسة وستين مجلسا و نقيبا للمحامين، و في بداية العمل النقابي أصدرت النقابة في حينه (مجلة القضاء ) و هي مجلة فصلية صدرت لأول مرة في حزيران عام 1934، وصدر منها عشرة إعداد شهرية حتى آذار /1935، ثم توقفت المجلة عن الصدور. وعادت ابتداء من آب /1936 إلى كانون الأول من العام نفسه، حيث صدرت بعدد واحد يحمل تاريخ كانون الأول /1937، وتوقفت عن الصدور مرة أخرى، وشكل مطلع عام 1942انطلاقة جديدة للمجلة حيث استمرت بالصدور محافظة على خطها القانوني والمهني والتطبيقي، والمجلة من ابرز مجلات الفكر القانوني في العراق ، ومن الضروري ألان العناية بالمجلة وصدورها بانتظام لأنها تسجل تاريخ ومراحل النقابة.
الآن وبعد هذه المسيرة أصبح للمحاماة داخل المجتمع أهمية كبيرة لما لهذه المهنة من تاريخ مجيد وحافل في كل الازمان … لقد أنجبت المهنة رجالا أفذاذ عظماء ساهم العديد منهم في قيادة وخدمة العراق بأرفع المناصب ، كذلك هي مهنة حرة مستقلة ذات رسالة إنسانية وعنصر أساس من عناصر المجتمع ينظمها القانون وأينما وجدت العدالة وجد المحامي … كما أن لهذه الصناعة الفريدة تأثير بالغ وكبير في حياة البشرية والحضارة الإنسانية بسبب ما توفره من ضمانات الدفاع والمحاكمة لتحمي أمن المجتمع من خلال عمليات التبصير.
نقابة المحامين في العراق مؤسسة مهنية وسياسية مهمة على مر السنين لها مكانتها المشرفة لدى شعبنا الذي عظم الرجال الأفذاذ الذين استطاعوا قبل أكثر من سبعون عاما إجراء أول انتخابات بشكل ديمقراطي متميز، رسموا فيه الطريق السليم لأحفادهم من الشباب كي يتمسكوا بما أسسه آبائهم من قيم قانونية وديمقراطية وفكرية واجتماعية ، بالإضافة إلى السلوك المهني المشرف