كل شعب من شعوب الأرض يتمنى أن يعيش في وطن يملك كل مقومات القوة والمنعة والتطور والرفاهية, بل تعلق الفرد بمفهوم الوطن يأتي بالدرجة الإولى عند وجود هذا الوطن في قلب هذ الفرد, فإن لم يكن له وجد في قلبه وفي عقله ومخيلته وأخلاقه وقيمه, فسوف لن يكون له وجود ولو أرادت ذلك أعتى قوة في الأرض.
إختلفت المشارب والأذواق في معرفة نوع ونمط الوطن الذي يجب أن يكون للعراقيين, فمنهم من يراه إسلاميا صرفا, ومنهم من يراه ليبراليا صرفا لا مكان فيه للدين أو الإسلام, لكل طرف من الإثنين ثوابت ينطلق منها ويؤمن بأنها الحق, ولكن بما أننا مجتمع وشعب اسلامي, يتربى فيه الأفراد منذ نعومة أظفارهم على الإيمان بالقيم الدينية واحترامها وتقديسها, لذا كانت فكرة إنهاء دور الدين كمرشد في الحياة العامة (والسياسية منها) أمرا شبه مستحيل.
إصطفاف أعداء فكرة تدخل الدين في السياسة, جعل مسمياتهم تذوب في وحدة هدف, العلمانيين والشيوعيون والليبراليون والالحاديون واللادينيون وغيرهم , قد أجمعوا أمرهم ووحدوا كلمتهم ضد أي مظهر من مظاهر التدين في الحياة السياسية ابتداءا لينطلقوا بعدها لمحاربة التدين في الحياة الخاصة للأفراد .
قد تكون لهم أسبابهم ومبرراتهم, ولكن اتهام كل من هو موجود على سدة الإسلام السياسي في العراق, بأنه متعصب ومنغلق وبعيد عن هضم روح العصر (كما يدعون) فيه تجني كبير جدا .
شخصية سياسية كعمار الحكيم جمعت بين عمق الأصالة والتدين والإلتزام بالشرع, وفهم ما يكمن في الإسلام من تسامح وإمكانية عيش مشترك, من ناحية, وفهمه وهضمه لما أتت به المدنية الحديثة وإرهاصاتها ومتطلباتها ومصادر قوتها التي يمكن توظيفها دون التعراض مع الدين , من ناحية أخرى؛ أهلته ليكون نموذجا يستطيع الموائمة, والوقوف على حد وسط مقبول ومؤتمن لدى العراقيين من ناحيتين : الأولى مؤتمن على أديانهم وعقائدهم وأخلاقهم الإجتماعية التي تربوا عليها؛ ومؤتمن أيضا على مصير هذا البلد للأخذ به بأدوات الفهم المدني العصري الحديث في الحكم والإدارة والمأسسة, ليؤسس لنظرية جديدة في الحكم .
هل نستطيع كعراقيين فهم وإستيعاب ظاهرة (عمار الحكيم) ؟!