ربما يتفاجأ العراقيين من الأجيال الأخيرة بأن العراق كان يحتفل كل عام بعيد أسمه عيد الشجرة؟! عيد الشجرة هذا يتذكره العراقيين من أجيال الأربعينات والخمسينات تحديدا،وقد أرتبط أسم هذا العيد بالزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم. حيث كان يتم في هذا اليوم زراعة الكثيرمن الأشجار والنخيل والنباتات والورود والأزهار في كل مناطق بغداد وكان الزعيم رحمه الله هو أول من يقوم بذلك! وتشاركه جميع المدارس والثانويات والجامعات وكل المنظمات المهنية والشعبية. نقول ذهب الزعيم شهيدا بين يد رب كريم، ودار دولاب الحياة والزمن دورات قاسية على العراق وأهله وطحنت الحروب والسياسات الرعناء والأحقاد السياسية والطائفية الوطن والشعب على السواء ولم تبق فيه شيء سوى أطلال من عراق كانت له طنة ورنة وصولات وجولات! وكان له أسم كبير ومهابة أكبر بين العالم ،وبقايا شعب كان ينظر له العالم بعين الأحترام والتقدير والعجيب والغريب في أمرهذا الشعب انه كان يسمى بشعب الثورات!. كما لم يعد العراق بلد السواد الأعظم لكثرة نخيله وأراضيه الزراعية الشاسعة بل أصبح بلد السواد الأعظم لكثرة أحزانه! ولكثرة لافتاته السود المنتشرة في كل محافظاته ومدنه وقراه والتي تنعى الأهل والأحبة الذين حصدتهم مناجل الموت وآلة الحروب وأبادتهم الأمراض والأوبئة والخوف والقهر والجوع والحاجة والتشرد منذ ثمانينات القرن الماضي(الحرب العراقية الأيرانية) ولحد الآن!، حتى صار الحنين للماضي ولذكريات الزمن الجميل هو أنينهم اليومي!. وبات رافداه يبكيان الماضي الجميل من قسوة الحاضر المؤلم بعد أن صاروا أكثر عطشا من أهله! فقد تحولت أراضي العراق الزراعية وأهواره الى مناطق قاحلة جرداء لا ماء فيها ولا شجر تذروها الرياح بعد أن هجرها أهلها بسبب حرب المياه اللئيمة والجبانة والخبيثة التي يتعرض لها العراق من قبل دول الجوار والأقليم.نقول ومع الأسف أن كل الحكومات والأحزاب السياسية التي قادت البلاد من بعد سقوط العراق وأحتلال الأمريكان البغيض له ، نأت بنفسها بعيدا عن كل ذلك وأنشغلت بصراعات جانبية وسياسية وطائفية وقومية وبأطماع حزبية وفئوية وهدرت المال العام والدم العراقي الطهور على السواء. أن حالة التصحرالمخيفة وكثرة الأعمال العشوائية التي زحفت على بغداد عاصمة الرشيد وعلى كل تاريخها ومجدها التليد واطنان الأوساخ والنفايات التي تغطي وجه العاصمة، هو بسبب أهمال محافظي وأمناء بغداد وأنشغالهم بالفساد وبمصالحهم الشخصية ومصالح أحزابهم السياسية وعدم وجود أية خطة جادة ومدروسة لأعادة جمال بغداد وبهائها ونظارتها وخضرتها ، فلم نعد نرى ونسمع كالسابق عبارة (أزرع ولا تقطع) بل صرنا نرى ونقرأ بدلا عنها لوحات مثبتة في الكثير من مناطق بغداد وتحديدا عند أصحاب المشاتل وقد كتب عليها (مستعدون لقطع الأشجار والنخيل مع صورة منشار كهربائي؟!!). أقول أمام هذا الأهمال المتعمد لتدمير بغداد! ما الذي يمنع من أعادة الأحتفال بعيد الشجرة ولنحدد له يوما من أحد أيام فصل الربيع ونقيم له كرنفالا أشبه بالكرنفالات العالمية، يحتفل فيه كل العراقيين بدأ من الحكومة وبكل وزاراتها ودوائرها، وكل المدارس والثانويات والجامعات وكل المنظمات المهنية والشعبية الى أبسط مواطن، يتعاون ويشترك الجميع فيه بزراعة الأشجار والنخيل وأية نبتة خضراء من أجل أعادة الحياة واللون الأخضر الى بغداد الحبيبة التي يريد لها الأعداء أن تبقى خربة كئيبة يلفها الحزن والسواد دائما!، فهل هناك صعوبة في ذلك؟ وكم سيكلف ذلك خزينة الدولة؟ ولا ندري هل ستختلف الحكومة وقادة الأحزاب السياسية على هذا أيضا؟!!.