18 ديسمبر، 2024 11:15 م

لعقود ليست قليله من القرن الماضي ، يوما كان النظام الاشتراكي في عز هيبته وجبروته ومكانته الدولية ، كمثال يحتذى به في نضال الشعوب والاحزاب الوطنية من اجل أيجاد طريق يتلائم مع ظروفها المحلية، يوصلها الى تحقيق قدر معين من العدالة الاجتماعية دون الولوج الى مرحلة التطور الرأسمالي الاسغلالي البشع ،،،،، في ذلك الزمن ، ساد نقاشا وجدلا واسعا حول مفهوم التطور اللارأسمالي لبلدان ( العالم الثالث )، تناوله العديد من المهتمين بشأن تطور البلدان النامية المتخلفة ، وكثرت النقاشات ( لحد الاجترار وبالتفصيل الممل ) والبحوث والدراسات الاقتصادية والسياسية ،التي حولت ذلك المفهوم الضبابي الملتبس ،الى حقيقة مسلم بها كقانون من القوانين العامة لتطور البلدان النامية ذات التوجه نحو الاشتراكية ، لا لشيء حقيقي ومؤكد معلوم ، بل فقط لان ( العباقرة السوفييت انذاك !) قد افتوا بصحة وواقعية ذلك المفهوم اي طريق التطور اللارأسمالي ، وزكوا أمكانية تحقيقه على ارض الواقع ….,

والامر برمته لايعدو عن كونه مجرد مقتضى من مقتضيات ، وسياق من سياقات الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي ، وحماس ( أشقاؤنا السوفيت !) لابعاد الكثير من الدول الحديثة عن التوجه نحو التعامل مع الغرب الرأسمالي ، بمعنى ابعاد الدول الفتيه عن تأثير دول الغرب الرأسمالي والتحالف معها …. مادة من مواد الصراع الدولي الذي اهدر وأستنفذ الكم الهائل من المواد والطاقات ..

والحصيلة ماذا ؟

عند انهيار ( الاشتراكية التي كانت سائده !) وتفكك الاتحاد السوفييتي ودول اوربا الشرقية ( الاشتراكية !) سرعان ما غدى الامر مجرد كونه حكاية عن حضارة سادت ثم بادت ، وتلاشت معها كل المفاهيم والدراسات والابحاث والمسلمات ، عما سمي بطريق التطور اللارأسمالي ،وبقي منظروا هذا المفهوم الملتبس يحدق أحدهم في وجه الاخر بلا جدوى …

وللاسف يسعى اليوم تلاميذ المنظرون السابقون الى أقحام مفاهيم ملتبسة جديد ، يعديدون ويصقلون بها ، بذات المنحى كي تغدو مثل سورة الفاتحة ، يجري تداولها في كل المناسبات ،،،،ولاأريد ان أخوض جدلا بلا وقائع ولا ملموسيات لها مرجعيتها الفكريه، كماركسي لازلت استند الى مفاهيم ماركس في قضايا التطور الاقتصادي والاجتماعي ,,

وباختصار أعرض الصورة التالية بخطوطها الرئيسية العريضه :

– وطننا العراق لازال محتلا بكل ما في الكلمة من معنى ..

مكبلا و يعاني من الاحتلالات والتبعية والهيمنة الاجنبية ، التي تفرض علينا حكومة تأتمر بأمرها ،وتعمل وفق توجيهاتها واجندتها التي تتعارض جذريا مع مصالح شعبنا العراقي ، وعليه فان المهمة الرئيسة الاولى التي تواجه نضال الشعب العراقي ، هي التحررمن الاحتلال والهيمنة ، وأمتلاك ناصية الاستقلال الوطني الفعلي الناجز والحقيقي لكل ما تعنيه السيادة الوطنية من معنى ، اي اننا امام مهمة تحريرية بالمقام الاول …

– وفي نفس السياق ، تتداخل هذه المهمة مع المهام الوطنية الاخرى في بناء دولة موؤسسات واضحة المعالم والحدود ، مبنية ومستندة لمرجعية دستورية علمانية عصرية ، تعمد المواطنه هي الاساس ، وهي الوسيلة والهدف ، أي اننا أمام وطنية بحته من الدرجة الاولى ، متلازمة ومتداخلة مع المهام التحررية الانفة الذكر ..

– أن التوجه نحو صياغة اساليب نضاليه واقعية وجدية لتحقيق المهمتين الانفتي الذكر ، يستلزم خوض نضال حقيقي مثابر ضد كامل هيكلية السلطات ( حكومة وبرلمان وقضاء !!!!) التي ارساها المحتلون بمختلف تلاوينها ورموزها الفاسدة ،نضالا بمحتوى ثوري سلمي وعلني من اجل الديمقراطية الحقيقية ، لا ديمقراطية الحيات ،

والحديث عن نضال ثوري سلمي ، لا يعني ذلك دعوة للانجرار نحو اساليب رديكالية صبيانية متهورة ، ليست دعوة لممارسة العنف على الاطلاق ، بل ادعو الى التحرر من وهم بناء ( دولة مدنية ! ) في ظل استمرار الاحتلال والهيمنه والسطات الطائفية الفاسدة، التي أ’ريد لها ان تكون فاسدة ،أيغالا في التدمير لبنية المجتمع ومؤسسات دولة ، وعليه فأنني أدعو مخلصا ،كل ذي شأن ببناء ( الدولة المدنية !) ، الى أعادة النظر بطبيعة المفهوم والتوجه الجاد نحو دراسة مقارنه مستفيضة لمهام نضالنا الوطني التحرري والديمقراطي ، من ان يصار الى صياغة مفاهيم واساليب نضالية قادرة على استنهاض جماهير شعبنا العراقي بكل قواه الوطنية الحية ،،

انهيار الاتحاد السوفيتي والدوله الاشتراكيه ، هو وحده الذي حررنا من عبادة ( ولاأقول عبودية) مفهوم طريق التطور اللا رأسمالي ،فهل نحتاج الى انهيار العراق بأكمله كي لا نكرر التجربه ، ونتحرر من مفهوم (بناء الدولة المدنية ) ،،،، ام ان صلة الرحم لازالت حيه بين رواد مفهوم طريق التطور اللارأسمالي الغابر ، ورواد مفهوم الدولة المدنية ، رغم غبار الزمن الفكري ، ودورة الدنيا دوراته السريعة لتسقط الكثير من المفاهيم التي كانت من المسلمات العصية في سوح النضال الوطني و الثوري …..ليس خطيئة ان يكون الواهم واهما ، بل الخطيئة ان يوهم الناس بما هو ليس يقينا …

وكم هو مثير للسخرية ان يتبى حتى اكثر الفاسدين فسادا ، هذا المفهوم الملتبس ، ليس من باب صحة وواقعية المفهوم ، ولا من باب التشويش المظلل و المزايدة السياسية الرخيصة ، بل لانه غدى مشابها لكل تنظيراته الاسلاموية الغيبة الايمبية البائسة ،التي اوهم وأستغفل بها بسطاء الناس ، عن مستقبل زاهر ، والفقر والبؤس يزداد بزيادة ثراء الفاسدين ,,, وصح النوم ايها الوطنيون ،،

وعلى وطني السلام