19 ديسمبر، 2024 10:00 م

المرجعية الدينية والتعايش بين اتباع الأديان المختلفة

المرجعية الدينية والتعايش بين اتباع الأديان المختلفة

ثالثاً : احقاق الحق بغض النظر عن العقيدة
كل مطلع على التأريخ ، وخاصة دولة الرسول الكريم (ص) ، يرى انها دولة جمعت بين ثناياها أديان وقوميات وأعراق متعددة ، ولم تقتصر على المسلمين العرب كما يعتقد البعض ، لنكون امام اول دولة دينية تقبل المختلف رغم اختلافه ، ولا تجبره على اعتناق عقيدتها رغم انها العقيدة الخاتمة والناسخة لكل ما قبلها ، لتكون مثالاً في الانفتاح على الاخر ، والتعامل معه بأنسانيته لا بمعيار اخر ، والشواهد كثيرة على احقاق الحق وإعطاء الحق للمخالف في الكثير من خلافاته مع المسلمين اذا ما كان صاحب الحق ، فلم يكن المسلم مقدماً على غيره امام القضاء ، بل ان امير المؤمنين (ع) يأمر بالعدالة حتى بتوزيع النظر بالتساوي بين الخصمين امام القضاء ، لكي لا ينظر القاضي بلطف لأحد وبغضب للاخر ، مهما كانت ميولهم واعتقاداتهم واتفاقها مع معتقد القضاة
يقول جل وعلا ” اذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ” لا فرق في ذلك بين مسلم وغير مسلم ، فلا يكون الاختلاف العقائدي سبباً في ظلم وسلب حقوق الآخرين ، والجدال بالتي هي احسن طريق اخر للتعامل مع الشركاء في الانسانية ، وعدم التجاوز عليهم او احتقارهم او جرح مشاعرهم ، لان عدم اعطائهم مكانتهم الحقيقية داخل المجتمع ، المنسجمة مع حجمهم وما يقدموه داخل المجتمع ، إنما يدفع الى ارتفاع حجم البغضاء والاحقاد بين ابناء المجتمع ، مما يهدد كيان المجتمع برمته ، ولهذا كان الدين منقسماً الى قسمين ، احدهما عبادات بين العبد وربه ، والاخر معاملات بين المسلم وباقي عُبَّاد الله ، والقسم الثاني هو الأهم كما يذكر في حديث رسول الله (ص) ( ما بين العبد وربه يغفرة الرب ، واما ما بين العبد والعبد فلا يغفره الله حتى يغفر له العبد ) ، لتكون الانسانية جزءاً لا يتجزأ من الدين
الاعتراف بوجود الاخر وعدم إلغائه ، يعتبر الحجر الأساس في التعايش المجتمعي بين اتباع الأديان المختلفة ، لان الاعتراف بوجود الاخر يترتب عليه حقوق وواجبات تجاه الوطن والمجتمع ، فمكانة الفرد داخل المجتمع تفرض عليه حقوقاً وواجبات ، واعتقاد احد بصحة دينه لا يبرر له إلغاء كيان الاخر بحجة الاختلاف ، فالوطن ملك الجميع ، والدين مسألة اعتقادية ترتبط بقناعة الانسان ، ولا يجوز لأحد ان يكره الاخر على اعتناق دين لا يعتقد به ، كما لا يسمح ديننا الحنيف الى محاربة اتباع الأديان الاخرى وتهجيرهم من اوطانهم بسبب هذا الاختلاف ، ومن يبرر الخيارين الاخيرين إنما هو يعتقد بدين داعش لا بدين الاسلام ! .

أحدث المقالات

أحدث المقالات