في غضون جلستين استطاع عرابو الفساد السياسي والمالي في العراق من تمرير نظام انتخابي يلائم مخططاتهم في استمرار هيمنتهم الى أمد بعيد على القرار السياسي ، وفي خطوة تعكس مدى جموحهم وتعطشهم الى مزيد من السيطرة والاستبداد والتسلط والتلاعب بمقدرات البلاد .
لم يكن اصرار الحيتان الكبيرة على التصويت لنظام سانت ليغو الانتخابي المشوه (1.7) سوى دلالة على مدى الاستخفاف الذي يتميز به اولئك الفاسدين
بالعملية السياسية والدستور الذي حدد نظام الانتخاب المباشر طريقة لاختيار الناخبين لمرشحيهم في السلطة التشريعية ، وعكس في نفس الوقت صورة لبشاعة هؤلاء المتسلطين الذين عجزوا خلال اربعة عشر عام عن اقرار القوانين المهمة للدولة وللمجتمع ، وتفننوا في ترحيل الازمات والمشاكل لتزداد حجما الى حد الانفجار الرهيب الذي تجلت صورته في (2014) بسقوط مدينة الموصل ومدن أخرى في قبضة عصابات من المرتزقة لتسقط هيبة الدولة وتنتهك الإنسانية التي تعرضت في العراق الى أبشع صورها واشنع مآسيها .
ومنذ انهيار وسقوط الموصل الى لحظات تحريرها مرت ثلاث أعوام رهيبة على العراقيين بعد ان فقدوا الأمن ودفعوا ثمن باهض جدا من التضحيات الجسيمة الا ان اي من تلك المصائب والمحن والتي عبر عنها الشعب بمختلف اطيافه وتوجهاته بمسيرات احتجاجية عارمة لم تهز قيد انملة في ضمائرهم المتهرئة والميتة ، بل عمدوا الى تجاهل تلك المآسي والمحن والبلاءات التي يتعرض لها العراقيين وسارعوا لتكريس وضمان بقائهم في السلطة ليجثموا الى ما شاء الله تعالى على صدور العراقيين .
ان اقرار النظام الإنتخابي الاخير (سانت ليغو 1.7) سوف يجعل بقاء الوجوه البائسة المتشبثة بالحكم تحصيل حاصل ، وهذا ما سيؤدي الى ان يكون الباب مفتوحا امام كل الاحتمالات السيئة وربما يؤدي الى نتائج أكثر سوء وخطرا من كل الأحداث الرهيبة التي مرت على البلاد والنكبات الأليمة التي لا زالت وستبقى ظلالها المعتمة حاضرة في نفوس العراقيين .
لقد كان رد فعل ساسة الكتل المهيمنة والمستأثرة بالسلطة تجاه ردود الافعال التي صدرت للتنديد بتشريع النظام الانتخابي المجحف الأخير لا يقل قباحة ولؤم عن افعالهم وممارساتهم الاستبدادية ، وتجلت مظاهر الاستبداد بصورة واضحة في منطق الحيتان الفاسدة الكبيرة من خلال قيادتها ورؤوسها الخاوية وتصريحاتهم التي توحي بمنطقهم الفرعوني الدكتاتوري (انا ربكم الأعلى) والذي يؤكد ان تلك الكتل سائرة بالعراق نحو مزيد من الدمار والخراب والفوضى .
ونتيجة لهذه السياسات الاستبدادية من قبل الساسة فإن جميع الخيارات الخطيرة سوف تكون مفتوحة للعبث في أرواح العراقيين نتيجة الصراعات المحمومة على السلطة والتي قد تتجلى بقرار امريكي بتجميد العملية السياسية وتشكيل حكومة إنقاذ في العراق ، او حرب داخلية بين المكونات الإجتماعية على صعيد القوميات او الطوائف او داخل الطائفة نفسها ، او اللجوء إلى مشروع تقسيم البلاد الى أقاليم ثلاثة وهم ما يسعى اليه الكثير من المتصارعين الاقليمين والدوليين واجندة هؤلاء في العراق الذين سيكون هذا التقسيم مفصلا على مقاييس مخططاتهم ومشاريعهم القديمة الجديدة في الهيمنة والتسلط .