نُسجّل أولاً أن لا توجد هنا ايحاءات او ايماءات في التشكيك بنزاهة القضاء العراقي , كما ندوّن كذلك أنّ أيّ افتراضاتٍ ما بمثل هذا التشكيك , قد تؤدي بصاحبها الى رفع دعوى قضائية عنه او عنها , وهما في غنى عنها اصلاً
ثُمَّ , لسنا بصدد إعادة وتكرار ما جرى اعادته وتكراره لآلاف المرات حول محكمة المهداوي التي شوّهت صورة العهد الجمهوري الأول في العراق , لكنَّ نقطةً واحدةً ” وهي ليست جديدة ايضاً ” بأنّ تلك المحكمة التي أسمها الأصلي ” محكمة الشعب ” والتي كانت تحاكم رموز العهد الملكي والضباط والسياسيين الوطنيين المعارضين لرئيس الوزراء الراحل عبد الكريم قاسم , فأنّ مجريات تلك المحكمة كانت تجري عبر البثّ المباشر ” كما معروف ” على شاشة التلفزيون الرسمي للدولة , وممّا يتيح للمتهمين فرصة الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم أمام الجمهور .
وبالعودةِ الى القضاء العراقي ونزاهته , فمنذ تولّي ابراهيم الأشيقر ” الجعفري لرئاسة وزراء العراق , وخصوصاً بتولّي نوري المالكي لدورتين متتاليتين في الحكم , فقد صدرت عدة احكام بحقّ بعض السياسيين المتهمين بالمادة 4 أرهاب أو أحكام بالسجن المؤبد , وأحكام غيابية بحقّ آخرين متواجدين خارج العراق .! لكنّ المتتبعين لوسائل الأعلام , وعموم الرأي العام قد استمعوا واطّلعوا على تقاريرٍ ومعلوماتٍ من مواقعٍ إخباريّة والكترونية وقنوات فضائية اتّهمت فيها المالكي بتسييس القضاء ” من زاويةٍ ما على الأقل ! ” , وبغضّ النظر من أنّ تلكم المصادر الأخبارية قد تغدو معارضة , او تمسى محايدة , او تضحى مغرضة , والى ذلك وحتى < ما بينَ البينين .! > , لكنّ الرأي العام العراقي والعربي لاحظ عن كثبٍ أنّ الحُكم الصادر ” سابقاً بزمن المالكي ” ضدّ النائب محمد الدايني بتهمة الأرهاب , وتحديداً بتهمة تفجير كافيتيريا مجلس النواب , وصدور ذلك الحكم اثناء وجوده خارج العراق , فأنّ الحالة قد تغيّرت بنسبة 180 درجة في الشهور الأوائل لتولّي السيد حيدر العبادي , حيث جرت إعادة محاكمته بنزاهةٍ ملحوظة من القضاء العراقي , وعاد ذلك النائب الى بغداد لفترةٍ من الوقت ثمّ غادرها بجوازِ سفرٍ رسميّ , وكذلك ايضاً ففي زمن نوري المالكي صدرَ أمرٌ قضائي بالقاء القبض واعتقال د. مظهر محمد صالح – نائب محافظ البنك المركزي ” اثناء وجوده خارج العراق لحضور مؤتمرٍ دوليّ ” وبتهمٍ مفتعلة ومصطنعة , لكنّ المنظمات الدولية الأقتصادية وقفت بالكامل بجانب د. مظهر واحتضنته , لكنه في الأسابيع الأوائل لتولّي السيد حيدر العبادي مقاليد الحكم , فقد جرت مراجعة الأحكام الصادرة بحقّ السيد مظهر صالح وتمّ الغاءها , وجرى تعيينه بمنصب المستشار الأقتصادي لرئيس الوزراء د. حيدر العبادي .!
لسنا هنا بالضّد او معَ النائب السابق محمد الدايني ولا الخبير الأقتصادي مظهر محمد صالح , لكنّما أختيرَ هذان الأسميين فقط بسبب شهرتهما في وسائل الإعلام وأمام الرأي العام .! , لكنّ كلّ هذا الربط والخلط والغلَط , يجرّنا جّراً او ركضاً , وحتى هرولةً لتساؤلٍ محدّد : – لماذا لا نقتدي بمحكمة المهداوي ونجعل المحاكمات السياسية ضدّ الخصوم , ليجري عرضها بالبثّ المباشر على قنوات التلفزة الرسمية للدولة , ولكي نضرب بعنفٍ عصفورين بحجرٍ واحد :- أنْ نؤكّد ونشدد على نزاهة القضاء العراقي , وثمّ نسحب البساط من المتشككين بنزاهته أمام وسائل الإعلام , ووسائل التواصل الأجتماعي وغير الأجتماعي كذلك .!