سعد محمد رحيم له رصيد جميل في السرد فهو من كتّاب القصص القصيرة والروايات وله أساهمة معرفية ذات جهد مميز حول رأس البروليتاريا كارل ماركس .وحضوره الفاعل في الصحافة العراقيية ..ورقتي هذه بوظيفة عتبة نصية أثبّت فيها ملاحظاتي حول روايته (مقتل بائع الكتب )
الأشكالية التي يطوف حولها محمود المرزوق وتطوف هي حوله حينا آخر هي أشكالية :الإرادة / الإستطاعة محمود المرزوق لم يحاول معالجة نفسه بالتجاوز، وبشهادة محمود المرزوق نفسه (لم أحاول كفاية في أي وقت . أقف دائما عند التخوم..أنظر من ثقب الباب، أو من خصاص النافذة.. هناك حد أخشى تجاوزه.. الحدود،أقول عنها متبجحا، إنها لاتعنيني.. وأذهب أحيانا بعيدا..أتمادى وأكسر الحاجز..هذا في عقلي فقط ../153) فتهرب المرزوق متحصنا بتعددية واحديته وتشظية طاقاته في مجالات إبداعية شتى ..أختلفت وجهات النظر حوله ومن الإختلاف انبجست سرود الرواية فمنهم من يرى في محمود المرزوق أن :الشيء الوحيد الذي حافظ عليه هو بوهيميته / بهيميته ..وكقارىء أرى محمود المرزوق أختار الجانب المسرحي من الحياة وليس الواقعي ولا المحلوم به فهو..يختلف مع الشيوعيين في السبعينات مدعيا (لست حيوانا سياسيا مثلكم..أنا حيوان يعرف كيف يرسم / 93).. وهو وصديقه من الحيوانات المفترسة حين يعتديان بالضرب على عاهرتين !!..وّظّف طاقته ليتحول واجهة ثقافية إستعراضية ..يضع في فمه غليونا عاطلا عن الدخان (يقرأ في كتاب مجلد بورق أحمر، أحمر دائما، في ركن المقهى ../ 193) .. ومحمود المرزوق من النفّاجين فهو يتهجم على ستالين ويقلد ستالين ، يدعي أنه يكره من يستنسخون طريقته في الحياة ولكنه يبتهج سرا بذلك ..وهو القاتل بالأستعارة في قضية انتحار ربيعة فهومن أغواها ويزعم بكل وقاحة أنه (أضطر أن يخدعها بوعد الزواج…/ 196) وأضع فعل أضطر بين قوسين (أضطر ) لأن أستعمال هذا الفعل في هذا السياق يكشف عن نذالات غزيرة في شخصيته وإذا كان يبرر نذالته بالطريقة هذه فما حدث له كأنما جاء كثأر متأخر لتلك الشابة التي انتحرت بسسببه، فمصادفة مقتله لا تختلف عن مصادفة إسقاطها الأخلاقي على يديه ..في حين نعرف من حوار الاعلامي مع خطيبته أن الكتابة عن هذا الرجل (مغامرة وإنجاز ملموس في الذاكرة ..الكتاب يبقى ألف سنة / 22) أتوقف عند مابين القوسين وأقول فعلا هي مغامرة أن يزج الصحفي نفسه في أتون تلك اللحظات المفخخة الدموية ليكتب كتابا عن شخص معين …لكن أن يتفوه هذا الصحفي بمقياس الألفيات ، فهي مسألة تدعو للغرابة حقا!! (الكتاب يبقى ألف سنة ) !! ومنطق الغرابة أن ينطقه إعلامي مثقف يمتلك وعي حداثي !!
(*)
بتوقيت الصفحة الثانية من الرواية نكون مع ثريا الرواية + الاسم الحقيقي للبائع ثم يسرد البائع شخصه تشكيليا ..(أنهيت ُتخطيطا للوحة مقترحة في ذهني ..عجوز يصعد سلماً رفيعا إلى الغيوم يحمل على ظهره كيساً كبيراً محشواً بالكتب.. الكتب تتساقط من الكيس ./ 66) هذه اللوحة كنت أتمنى أن تكون لوحة غلاف الرواية وليس صورة بورخيس الجالس فوق الكتب ويضع وهو يدوس على الكتب بحذائه ..!! وفي ص10 نكون مع ورثة العمل ..(هناك أربعة غيري سيوفرون المعلومات المفيدة لكتابك..).. في ص12 نكون مع الرواية المشتغلة من قبل الاعلامي !! ؟! في ص13 يخبرنا السارد العليم عن مجريات جريمة أغتيال محمود المرزوق في الهواء الطلق قبيل أذان المغرب ..(يصير في مواجهة شاب ..يتصافحان ..يتكلمان في أمر ما..لاتستغرق المحادثة أكثر من دقيقة ونصف ..ثم يمضي كل منهما في حال سبيله ..يمشي المرزوق بضع خطوات . وفي لحظة خاطفة يتوقف عن السير، يرتعش، ينكفىء، يترنح، يقع ، يتمدد على بطنه ../ 13)..
(*)
ينتقل النص إلى سرد الفوتوغراف بذاكرته التاريخية / 15- 16 فهذه الصورة الشخصية كانت بتوقيت (إطلاق سراحه من سجن نقرة السلمان 1968) فهي تفيد في إجتراح جهة جديدة للسرد ولنطلق عليها : الهوية السياسية للمرزوق وفي ص 109 سيقترح السارد مصطفى كريم السارد المحتفظ بتلك الصور (جلسة غداء وشرب سنقضيها في بستان بضاحية بهرز..ذلك البستان حيث أحتفي بمحمود المرزوق قبل أثنتين وأربعين سنة ، وكما يظهر في صورتين التقطتا يومها بمناسبة إطلاق سراحه من سجن نقرة السلمان ..).. ومن خلال ذكر لفظة أوربية(براغ ) سنعرف أختلافه مع الشيوعيين العراقيين ..
(*)
سارد آخر هوالأستاذ حيدر الذي سيكون الصحفي نزيلا معه في بيت واحد سيسرد جانبا مختزلا وجانبا طريفا عنه حول كتاب (شمس المعارف الكبرى ) ص19
(*)
في المرقمة(1) من الفصل الثاني سيضيف لنا سارد آخر هو فراس سليمان ،معلومات جديدة عن محمود المرزوق /28ومنه سيسرد محمود المرزوق عن حياته هو في براغ / 29- 30-31
37-
(*)
سرد الرائد حسن المقدادي حول علاقة محمود المرزوق مع فتاة شوهدت تدخل مكتبة المرزوق ولديها أخ أعتقل لدى الأمريكان لمدة ستة أشهر وهو متدين متعصب له علاقات مربية ..يعتقد الرائد ان له دخل في مقتل محمود المرزوق ../ 41
(*)
يوميات الخراب : مدونة المرزوق على شكل مذكرات تبدأ من 9/ 4/ 2003 وتنتهي في كانون الثاني 2009 يتناول فيها المتغيرات بكل انواعها التي جرت في البلاد حيث الفوضى والقتل ، لكن هذه المدونة لم تضف جديدا للحدث الروائي فهي يوميات للخارج وليس للداخل الشخصي الخاص بمحمود المرزوق
(*)
محاورة بين ماجد بغدادي وسامي الرفاعي /78
(*)
يقول السارد / الإعلامي (منذ اكتشاف فن الرواية صار بالإمكان أن نجعل الأشخاص الاعتياديين أبطالا فقط مع بعض الإثارة ../ 101) السؤال هنا لماذا لانحافظ على عاديتهم ونتناوهم بطريقة جديدة كما كان يفعل مثلا إنطوان تشيخوف مع شخوصه العاديين والسؤال الثاني هل نسبة الإثارة في هذه الرواية جعلت القارىء مشدودا إلى شخصية محمود المرزوق ؟ الساردون كلهم أقتربوا في إجاباتهم من جنس الريبورتاج ، على إختلاف وسائلهم : صور فوتوغراف – رسائل انترنيت – الكتابة عن قطار الموت – رسائل محمود المرزوق إلى جانيت بل حتى مدونات محمود المرزوق لم تخرج عن الأسلوب الإعلامي ..
(*)
أجمل مافي السرود هو (كشف حساب / 148- 189) وهذا النص بحد ذاته مشروع رواية قصيرة جميلة جدا..
*سعد محمد رحيم / مقتل بائع الكتب / دار سطور/ بغداد/ ط1 / 2016