لیس مهما أن أخوض في مقدمة تمهد الطريق للدخول في صلب الموضوع، ﻷن هذه المقدمة سوف تأخذ طابعا عقليا فلسفيا مما تؤدي إلى نقض الغرض الذي ﻷجله أكتب هذه السطور…
إلا إن الذي يهون الخطب هو اﻹتكاء على الفهم العام ووجدان الناس كي يكون بديلا عن تلك المقدمة التمهيدية….
إن إدراك الواقع على ما هو عليه، هو اللبنة اﻷساسية والشرط الضروري للتطور والارتقاء نحو الأفضل…، فالاشياء لها طبيعتها التي لا ينبغي أن نسمح للوهم والخيال أن يقترح لها طبيعة غير طبيعتها الحقيقية.فالإنسان غالباً ومن خلال كلامه وتصرفاته يحاول أن ينسلخ عن هذه الطبيعة…
وما الضير من ذلك؟ ما دام يملك الخيار والاختيار!
ولكن الاختيار لوحده غير كاف، بل لابد من العلم والعمل….
وقد نجح البعض في الارتقاء نحو الدرجات العلى من الإنسانية، بينما ظل البعض يراوح في مكانه!
غير أن الأعم الأغلب لم يحافظ حتى على مكانه وطبيعته وإنساق نحو الأوهام وسار حثيثا نحو ما يتخيله ارتقاءا وتطورا، فزاد في الطين بلة، حيث الظلام والانحطاط عن الإنسانية….
هذا كله بالاختيار، والاختيار يحتاج إلى القدرة، والقدرة تنمو وتزداد من خلال العلم والعمل…
إن البعض ينسلخ عن واقعه الفعلي من خلال كلامه وتصرفاته ومواقفه، يريد أن يقفز على الواقع، فهو ينتقد ويتذمر من التسافل والانحطاط أو البقاء دون تطور وأرتقاء، وهو في الواقع قابع في الظلام أو ساكن في مكانه دون تطور وأرتقاء نحو الخير والنور والكمال….
إن القفز على الواقع هو من أخطر المشاكل التي نعاني منها شعوبا وأفراد، ولم نجن من ذلك سوى الويلات والمصائب والحروب والدمار….إنها أرضنا الجميلة الخضراء التي أحرقناها بسوء الاختيار والقفز على الواقع