23 نوفمبر، 2024 12:41 ص
Search
Close this search box.

بصراحة .. نحن نصفق لمن يدفع !!

بصراحة .. نحن نصفق لمن يدفع !!

تشتكي شعوبنا المنكوبة دائما ً ( والسبب في النكبات هي نفس الشعوب طبعا ً ) !! من أنظمة الحكم الدكتاتورية .. والأستبداد والأنفراد في الحكم وقمع الحريات .. ونظام الحزب الواحد والقائد المفدى والزعيم الضرورة .. إضافة الى الظلم والقهر والحرمان والكثير الكثير من المشاكل والعقد التي لا تنتهي بل هي مستمرة وموجودة بطول التاريخ وعرضه إن صح التعبير .

طيب .. هل تسائلنا يوما ً أو سألنا أنفسنا ، ما السبب في ذلك ؟ هل حاولنا أن نوضح الأسباب ؟ هل حاولنا أن نفهم لم شعوبنا بالذات تعاني من كل هذا ؟ قد يكون الجواب نعم .. وقد يكون كلا .. وفي كلتا الحالتين لم نتوصل الى حل ! بل ليس هناك حل ما لم نغير وبجدية واقع الحال وأقصد هنا هو السلوكية والتعامل للقاعدة وليس للقمة أي للجماهير العريضة التي هي الكل والأساس .

حين قال أحدهم أننا نحن من يصنع الدكتاتوريون ! برأي فقد صدق بما نطق .. وهذه فعلا ً حقيقة الحال وهذا هو الواقع المرير الذي نشتكي منه ونحن علته وأسبابه !!

فحين نوزع الألقاب .. ونكتب الأشعار ونخلد القادة ونمدحهم ( حين لا يستحقون ذلك ) ننشد الأغاني والأناشيد ، لهم ونتشدق بإنجازاتهم ومعجزاتهم وما قالوه وفعلوه .. وكل هذا في حقيقة الحال لا وجود له .. سوى في مخيلة البعض .. وحين نمدح من نريد ونرفع من نريد .. وحين نذم البعض ونسب البعض سرا ً أو علانية ً على أساس الأستفادة والفائدة .. ونمارس من الرياء والنفاق والكذب والخداع ما يخجل المرء من ذكره .. وننقسم على أنفسنا في تأييد هذا ونبذ ذاك !! نتظاهر ونرفع الشعارات .. نقبل بفلان ونرفض فلان على أسس طائفية ومذهبية وعشائرية .. وليس الكفاءة والنزاهة والخبرة .. نفتقر الى التمييز والى الوعي الجماهيري .. الذي هو الأساس في كل شيء ، نردد ونكرر دون فهم أو تفسير .. ونقيس الأمور على مزاجاتنا ومانريد أو ما لانريد .. كم سنستفيد وكم سيعود علينا من وراء فلان أو فلان كمسؤولين أو قادة وما إلى ذلك .. أليس هذا ما تفعله الأكثرية من شعوبنا ؟ أليس هذا هو الواقع الذي لا نرضى عنه .. والعجيب أننا نحن من يصنعه ويدعمه ويعمل على إستمراره .. حقا ً عجيب أمرنا وغريب …

حين نعطي المسؤول أكبر من حجمه بكثير .. وحين نهتف بحياته .. وحين نمدحه من حيث لا يستحق .. وحين ننتخبه رغم فساده وعدم كفاءته !! وعدم صلاحيته .. ألسنا منافقين ؟ ألسنا إنتهازيين .. ننتخب ثم ننتحب ! ونلدغ من نفس الجحر مئات المرات .. والمصيبة الكبرى أننا لا نتعظ ولا نعتبر .. ولا ولا .. رغم تكرار التجارب وتعاقب المصائب ، وما يحدث في الكثير من بلداننا لهو الدليل الأكيد على ذلك .

عجبي كل العجب ! نرى الفساد بأعيننا ونرى أكاذيب المسؤولين وفسادهم ونعيد إنتخابهم .. نرى عدم الكفاءة وعدم الإخلاص .. ونأتي بهم ! نلمس كل العيوب والنواقص وندافع عنهم ! نهتف ونرفع الشعارات .. لنعود ونندد ونرفض ونستنكر .. نمدح وننشد ونطبل ونزمر .. للقائد أو الحزب أو المسؤول .. ثم نسب ونلعن ونشتكي .. والكثير الكثير مما إلى ذلك وعلى مدى أجيال وأجيال .. كل هذا وغيره ثم نقول .. دكتاتور ، وطاغية ومستبد ووو.. ناسين ومتناسين أننا نحن من صنعناه ودعمناه وأنتخبناه ..
هذه هي شعوبنا .. ومجتمعاتنا مع فائق الإحترام والتقدير .. فالفكرة من المقال هي التنويه الى واقع معين وحالة متكررة بل ومتأصلة في مجتمعاتنا والمعاناة تشمل الأكثرية منها .

هذه هي الممارسات التي لم تجلب لنا سوى العار وخراب الدار !

نتكلم عن الحكومة والمسؤولين .. والأكثرية تنتقد السلطة والأحزاب فقط عندما لا تكون هناك إستفادة مادية أو معنوية أو أي شكل آخر كالنفوذ أو غيره .. ننبذهم ونرفضهم إن لم يكونوا على مقاسنا ومزاجنا حتى وإن كانوا نزيهين ومخلصين وكفوئين ! ونقبل بهم رغم العيوب والنواقص والفساد إن كانوا على المقاس والمرام لا بل ونتقاتل ونختلف للإبقاء عليهم والدفاع عنهم .. وهنا المصيبة الكبرى والمشكلة المعقدة التي هي أساس ما نحن عليه من مصائب ! وهذا ما يفسر التقاتل على السلطة والإختلاف بين المسؤولين والأحزاب والتهافت على المناصب ، ويفسر عدم الإستقرار على كل المستويات ، وإستمرار المعاناة وإنعدام الحلول ..
وهذه حقيقة واقعة ، رغم علمي أنها لن تقنع الكثير .. فالإعتراف بالخطأ في مجتمعاتنا لهو من أصعب الأمور والتنازل عن الرأي والأعتراف بالآخر ورأيه هي الأصعب !

يا ترى .. إلى متى ؟ لم لا نكون صريحين مع أنفسنا أولا ً ، وهذا هو المهم ثم نصارح بعضنا البعض ولا نخجل من ذكر الحقائق والإعتراف بالذنوب كي نصلح الحال ونحسن الأحوال .. ونغير من واقعنا المرير والبائس بكل المقاييس ، فما نزرعه سوف نحصده .. وما نجتهد له سوف نقطف ثماره وهذا هو المطلوب وهذا هو المراد من الكل .. وسيعود على الكل .. أم أننا سوف نظل نصفق لمن يدفع فقط !!

أحدث المقالات

أحدث المقالات