منذ صغره كان مختلفا عن اقرانه في سلوكه وتصرفاته كان يميل الى العزلة في بعض الاحيان ويخالط اصدقائه فقط في طريق المدرسة من الابتدائية حتى المتوسطة وهي المحطة التي بدأت فيها مرحلة القراءة والوعي الذي يدرك واقع الحياة وهموم الناس في منطقته الشعبية ابتداء من صرايف الشاكرية الى مدينة الثورة ودرابينها الضيقة ووجوه ساكينها الكالحة التي اتعبها العمل وقساوة العيش .. في صباه اضطر الى بيع السكائر مع ابن خالتة رغم ملاحقة رجال الشرطة لهم لانهم يمارسون البيع في السوق السوداء .. ولايعلمون ان حياتهم انذاك كان يعمها السواد في كل تفاصيلها .. كان العمل مهما بالنسبة له ليواصل دراسته وتفوقه في المدرسة مع اهتماهه بالقراءة والمطالعة والمساهمة في الكتابة في النشرات المدرسية .. اكمل الاعدادية ودخل كلية التربية قسم اللغة الانكليزية .. في هذه المرحلة المرحلة الجامعية كانت لاتختلف كثيرا عن محطات حياته السابقة من ناحية الوعي وداراك الواقع وتناقضاته حتى اصابه شيء من الهوس والصمت والامتناع حتى عن تناول الطعام والشراب لايام عند اصابته بالمرض النفسي (الشيزوفرينيا ) .. كان جميلا وكان يعشق كثيرا من النساء حيث كانت المرأة موجودة خلال محطات حياته .
دخل الكلية منبهرا بمجتمعها المتنوع وقد وجد لذته بعد العناء الطويل ليبداء حياة جديدة مفعمة بالشباب والحيوية .. اهتم بالدرس كثيرا واكثر من القراءة واطلع على كثير من الروايات وكتب الفلسفة والشعر ومترجماته فكان يحب البير كامو وارنست همنغواي وكان يقراء ويكرر قراءة كتاب فكرة الالوهية عند افلاطون وكتاب الخطابة لارسطو .. تخرج من الكلية عاشقا العمل باختصاصه حتى اصبح مدرسا متميزا في متوسطة الكادحين بكل شيء بأناقته واسلوبه في التدريس ومساعدته للطلاب المعوزين … بدء مشواره الادبي عندما نشر اول قصة قصيرة في جريدة الطليعة الادبية (الطيور لا تبني اعشاشها في قفص ) في ثمانينات القرن الماضي ومن ثم القصة( اللوحة رقم 11 ) وما تلتها من مقالات وقصائد شعر ونقد وترجمة في الصحف اليومية فاصبح عضو اتحاد الادباء العراق والعرب .. انغمس بشكل ملفت للنظر في القراءة ولساعات طويلة مع معناته من مرضه النفسي الذي كان يعيقه في بعض الاحيان بسبب عدم توفر العلاج او امتناعه عن تناوله .. زادت قرائته واطلاعه من عزلته وتغيير سلوكه اتجاه اصدقائه واقرباءه وظل مستمرا لسنوات طويلة يرفض الاخر وتقمص شخصية المجنون العاقل الذي يجيب الشوارع والازقة مع معناته من مضايقة الناس والاطفال له .
كاظم مهاوي كان حالة منفردة ومتميزة في افكاره وسلوكه الشخصي وغوغائية الافكار التي كان يحملها ويعتقد بها فتارة تجده الصديق وتارة اخرى تجده الشخص العدائي الذي تخلى عن كل حالاته الانسانيه وسرعان ما يرتد الى السكينة والهدوء .. كان اخر ايام حياته مثقفا متسولا لكنه يحمل فكرا لو جد عليه الطب والاهتمام لاصبح شخصا مميزا لكن هذه عاقبة الامراض النفسية في بلدنا الاهمال وعدم الاهتمام بالبنية التحتية والتخصص العلمي في احتواء هكذا شريحة تتطلب الاهتمام بها لانقاذ ماتبقى من فكر يساهم في دفع عجلة الثقافة والتجدد الفكري بعد ان عابها الصداْ والركود .
مات كاظم مهاوي في غرفته المجردة من كل شيء سوى اقوال وحكم وايات قرانية وابيات شعر كتبها بخط يده على جدرانها مات في غرفته في مدينة الصدر وحيدا متانقا لم يعرف به احدا لمدة يومين .. ممددا على الارض دون فراش او وسادة .. رحمك الله ايها الرجل الذي اعطى كل شيء ولم يأخذ اي شيء تركه الاهل والاولاد والاصدقاء .. رحمك الله وانت مطوى تحت ارض طالما تنبأت بها حينما كنت تقول (يكفيني ياوطني ان يكون لي فيك قبرا ) لم يعطيك الوطن غير هذا .. فنم هادئا مودعا يأيدي رحيمة بعد ان رمتك ايادي العبث والغوغاء والتخلف بحجارة كانت تترك اثرا بجسدك المتعب. . رحمك الله يامدرس الاجيال لعل الله يعوضك في فردوسه الابدي بطيب الثرى وماء الكوثر الذي يغسل جسدك ويطهره تطهيرا .. نم هادئا مطمأنا .. تحفك ملائكة الرحمة . . رحمك الله كاظم مهاوي .