23 ديسمبر، 2024 8:59 م

في ذكرى ثورة 14 تموز 1958 محاولات الكشف التي تعرض لها تنظيم الضباط الاحرار – الوشاية الغدر الخيانة

في ذكرى ثورة 14 تموز 1958 محاولات الكشف التي تعرض لها تنظيم الضباط الاحرار – الوشاية الغدر الخيانة

شهدت المرحلة التي سبقت ثورة 14 تموز العديد من المحاولالت
والخيانات وأبرزها اجتماع الكاظمية والذي يعرف ايضا بوشاية
الكاظمية، وقد سلطت العديد من الكتب والبحوث والمذكرات الضوء
على هذه الحادثة التي حصلت قبل الثورة بسنتين ففي عام 1956
وقبل تشكيل اللجنة العليا لتنظيم الضباط االحرار عقد لقاء دعا له و
نظمه اسماعيل العارف و حضره اربعة وهم العقيد الركن عبد
الوهاب امين والمقدم الركن رفعت الحاج سري والمقدم الركن
اسماعيل العارف والمقدم صالح عبد المجيد السامرائي في منزل
صفاء العارف شقيق اسماعيل العارف في منطقة الكاظمية وتم
الحديث بامور عامة و العالقة الخاصة بالتحرك ضد النظام الملكي,حسب
مذكرات المرحوم رفعت الحاج سري, وفي الصباح الباكر من اليوم التالي ارسل
رئيس اركان الجيش بطلب الضباط الاربعة واخبرهم بتفاصيل
الاجتماع وقام بنقل رفعت الحاج سري الى قلعة صالح في العمارة
واسماعيل العارف من منصبه سكريتر شخصي لرئيس اركان الجيش
الى ملحق عسكري في السفارة العراقية في الولايات المتحدة وصالح
مجيد السامرائي الى ملحق عسكري في السفارة العراقية في الاردن
اما عبد الوهاب امين فابقاه بمنصبه مدير الشعبة الثانية في مديرية
الحركات العسكرية بوزارة الدفاع.
جميع الكتب والبحوث العلمية والاكاديمية تؤكد ان العقيد الركن اسماعيل ابراهيم العارف هو الواشي وهو من كشف التنظيم، فقد ذكر رئيس اركان الجيش رفيق عارف اثناء محاكمته في محكمة الشعب برئاسة العقيد فاضل عباس المهداوي انه كان يعرف بوجود تنظيم الضباط الاحرار ولم يحاسبهم او يخبر السلطة عنهم وانه ساعد التنظيم على النجاح بعد ان قام بنقل الضابط الذي كان يشكل خطراً على التنظيم الى وظيفة ملحق عسكري ، وهذا الكلام ينطبق على اسماعيل العارف لانه اصبح ملحقا عسكريا بالسفارة العراقية في واشنطن، كما ذكر العقيد محسن حسين الحبيب في مذكراته وهو عضو اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار ما يلي: لقد تساءل الكثيرون بعد حادثة الكاظمية عن اسم الضابط الذي اخبر رئيس اركان الجيش بالاجتماع، وانه من الواضح لم يكن رفعت الذي أضره النقل اكثر من غيره بل واحد من الثلاثة الآخرين والذي يجب ان يكون وثيق الصلة برئيس اركان الجيش لكي يكون بمقدوره اخباره في صبيحة اليوم التالي من الاجتماع، وطبعا منصب اسماعيل العارف كسكرتير شخصي لرئيس اركان الجيش تؤشر الى تلك الحقيقية، وبعد نجاح ثورة ١٤ تموز اتصل اسماعيل العارف بجاسم العزاوي السكرتير الصحافي للزعيم وطلب منه اقناع الزعيم بنقله الى نيويورك ليصبح مندوب العراق في الامم المتحدة فوافق الزعيم على ذلك الامر الذي ادى الى غضب عبد السلام عارف ووصفي طاهر وقد تجسد هذا الغضب في محاكمة عبد السلام عارف في محكمة الشعب عام ١٩٥٨ عندما سأل عبد السلام وصفي طاهر عن سبب تعيين اسماعيل العارف مندوب العراق في الامم المتحدة على الرغم من انه هو الواشي في اجتماع الكاظمية اجابه وصفي طاهر بانه يعلم انه الواشي لكنه يبقى قرار الزعيم ويجب احترامه.
كما ان العقيد الركن جاسم العزاوي وهو صديق مقرب لاسماعيل العارف يقول في مذكراته: ذكر لي العقيد الركن رفعت الحاج سري أنه يشك باسماعيل عارف بانه الواشي بحادثة الكاظمية وانه أرسل اليه تهديداً بالموت اذا ما ذكر شيئاً آخر او كشف ما يعرفه عن تشكيلات الضباط الاحرار واتخذ قرارا بعزله عن التنظيم تماماً وبعد ان صدر قرار بنقل اسماعيل العارف الى بغداد في تاريخ ١ شباط ١٩٥٩ اخر رجوعه خوفا من انتقام رفعت الحاج سري ولم يعود الى العراق الا بعد ان تم اعتقال رفعت الحاج سري بتهمة المشاركة في انقلاب عبد الوهاب الشواف عام 1959 وقرر السفر من الولايات المتحدة الى بريطانيا عبر البحر بدلاً من الطائرة لكسب الوقت، وظل في لندن شهرا كاملا وفي بيروت ثلاثة اسابيع حتى تاكد بأن رفعت الحاج سري لن يخرج من السجن، كما ذكر العقيد الركن عبد الكريم فرحان وهو عضو اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار في مذكراته وهو يسلط الضوء على وشاية الكاظمية: لا شك أن المخبر كان ضعيف الايمان بالنجاح ولعله تذكر حركة آذار مارس 1941 واعدام قادتها فسعى الى الهروب وقد تحقق له ما أراد فابتعد عن الميدان وكوفئ على صنيعته وكان منصب الملحق العسكري وما يزال من المناصب المرموقة سواء كان في الاردن او تركيا او الولايات المتحدة الاميركية لمزاياه المادية والمعنوية.
كما يذكر الدكتور مجيد خدوري في كتابه العراق الجمهوري طبعة عام 1974 صفحة 35-36 ان جماعة رفعت الحاج سري يؤكدون ان الواشي هو اسماعيل العارف والذي حاول تفتيت التنظيم الذي يعد اقدم تنظيم للضباط الاحرار وبابيعاز من الشيوعيون وان اسماعيل العارف اخذ المكافأ بنقله من السكرتير الشخصي لرئيس اركان الجيش الى ملحق عسكري في واشنطن واضاف خدوري ان التنظيم اعادة بناء نفسه في حزيران 1956 بعد الكبوة التي مر بها نتيجة وشاية اسماعيل العارف وشكلت اللجنه العليا للضباط الاحرار واصبح عدد اللجنه العليا اربعة عشر ضابط ومنهم مسؤول لجنة التخطيط والمتابعه الزعيم عبد الوهاب امين، وبعد التخلص من الواشي اتبع التنظيم اسلوب الحذر والكتمان، يقول الدكتور براندون روبرت كنج في كتابه المخابرات الامريكية وثورة تموز 1958 صفحة 15 ان الاخفاق الاستخباراتي الاميركي كان ضربة قاسية والسبب يعود للكتمان والحذر الشديدين بعد الوشاية مشيرا الى ان هذا الفشل ادى الى خسارة اكبر حليف للغرب بالشرق الاوسط كما يذكر هاني الفكيكي في كتابه اوكار الهزيمه صفحه 254 ما يلي انه تم اعتقال اسماعيل العارف واخوه المحامي صفاء العارف في يوم انقلاب 8 شباط وعند وصولهم للمعتقل في معسكر الرشيد مقر اللواء التاسع عشر صاح علي صالح السعدي وبصوت عالي جدا وطلب من جميع الضباط احترامهم وتقديم العشاء والشاي لهم لانهم ضيفاه الشخصيان ومن الذين استفاد منهم الحزب في تحقيق الانقلاب.
هذه الحقائق وغيرها تكشف عن مدى المؤامرات والخيانات التي تعرض لها تنظيم الضباط الاحرار قبل الثورة ومن بيها وشاية الكاظمية التي اثبتت الحقائق ان اسماعيل العارف هو من قام بها. كانت هذه اخطر المحاولات والدرس منها كان قاسيا على جميع الظباط الاحرار,ولكن الحنكة والسرية والحذر مكنا من تشكيل اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار و المباشره بخطة الثورة. قام العقيد الركن عبد الوهاب امين بالتنسيق السري مع الزعيم الركن عبد الكريم قاسم باصدار كتاب مديرية الحركات العسكرية لتحرك اللواء التاسع عشر واللواء العشرين الى الاردن من خلال بغداد مع الذخيرة الحية مما مكن نجاح الثوره من اول اطالقة.
مع اطيب التحيات.