أسس أحمد الجلبي ما يسمى بالبيت الشيعي. وهو تجمع للتيارات الشيعية السياسية. وكان إبرزها في ذلك الحين، المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وحزب الدعوة. وأحزاب وتيارات شيعية حديثة التكوين. وأخرى لا تعرف أسماؤها، أو أسماء شخصياتها السياسية، على مستوى الشارع العراقي. ما يلفت، إن هذه الأحزاب والتيارات السياسية الشيعية، كانت تحمل بذور إنقساماتها، وتشرذماتها. وقسم آخر، يفتقد بذاته الى الوحدة التنظيمية، والى الهدف الذي يسعى الى تحقيقه. لا جامع مشترك يجمعها، إلا الطائفة. فالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، تلقى ضربة موجعة بإغتيال مؤسسه، وثقله الأعلى، محمد باقر الحكيم، وبغيابه، ورغم تولي أخوه، عبد العزيز الحكيم، رئاسة المجلس، الذي اختار له أسم يتماشى والمرحلة، المجلس الأعلى الإسلامي، لكنه، كان يفتقد الى كارزما شقيقه، في الحنكة، وفِي القيادة، مما مهد لبروز أسماء جديدة، ما كان لها أن تبرز سابقاً، الأمر الذي فرض عليه أن يوصي، بترجي، لابنه عمار الحكيم برئاسة المجلس، وهنا كان المقتل لهذا التجمع الحزبي. أما حزب الدعوة، فهو الآخر، يحمل بذور إنشقاقه، من خلال وجود، حزب الدعوة الداخل، وحزب الدعوة الخارج، وكذلك الأثار التي ترتبت، بعد أغتيال أبرز قياديّيه العقائديين، عز الدين سليم. وما ينطبق على هذين التكتلين، ينطبق على التيار الصدري، الذي إنفراط عنه، جماعة عصائب أهل الحق، بقيادة قيس الخزعلي. وتيارات اخرى صغيرة، مماثلة.
البيت الشيعي، جرت تسميته، بعد ذلك، بالإئتلاف العراقي الموحد ” الشيعي”. ثم غيرت تسميته الى الإئتلاف الوطني العراقي. وفي الحقيقة، مهما أختلفت التسميات، فهو يعبر عن تجمع شيعي، لكتل سياسية مختلفة. وما يهم في المرحلة الراهنة، والعراق على أعتاب إستحقاقين إنتخابيين. هما، إنتخابات مجالس المحافظات في هذا العام، وهو، أمر تثار على إجراءه شكوك متباينة. والإستحقاق الآخر، إنتخابات لأختيار أعضاء جدد، لمجلس النواب النواب العراقي، في نيسان من العام المقبل ٢٠١٨. هذان الإستحقاقان، أفرزا صراعاً حاداً، بوقت مبكّر. قوامه، المسألة الرئيسيّة الأولى، التي أظهرتها، العمليات العسكرية لتطهير أرض العراق من القوى الإرهابية، وخاصة عمليات تحرير الموصل، على وجه الدقة. والثانية، الحراك المدني العراقي، وقواه الناعمة. ولخشية الأحزاب، والتكتلات السياسية الحالية، من بروز تيارات سياسية، وشخصيات وطنية، تقلب المعادلة الحالية، التي إستهلكتها، السنين العجاف، الطويلة، الماضية. وهذا ليس مقتصر على الإئتلاف الوطني وحده ” البيت الشيعي”، بطبيعة الحال، بل يشمل الأطراف الأخرى، في العملية السياسية. وما برز، في العلن، من إنفراط في تشكيل المجلس الأعلى الإسلامي، قد تجده أيضاً، في التشكيلات الشيعية الأخرى. حتى وإن لم يظهر للسطح، في الوقت الحالي، وخاصة، ما قد يصيب، حزب الدعوة، الذي ينفرد بظاهرة غير مألوفة، أن يكون المركز القيادي الحكومي الأول، في الدولة، ليس لدى الشخص الأول في الحزب. وما يفرضه ذلك، من تجاذب حاد، في الشكل البنيوي للحزب، تفرضه طبيعة المركزين الهامين، وأي منهما سيغلب. وهذا الصراع لا يمكن أخفاء تأثيراته، على وحدة الحزب، من جهة، وعلى طبيعة وجوده في الإئتلاف، من جهة أخرى. والأمر لا ينصرف على هاتين التشكيلين، فحسب، بل قد يلاحق تشكيلات أخرى، كالتيار الصدري، وحزب الفضيلة، وفصيل بدر، وغيرهم.
أذن، أمام البيت الشيعي، تحديان، يفرضان عليه، وعلى مستقبله، ظروف غير مسبوقه. هما، التنافس السياسي وفق معطيات جديدة لكسب الشارع الشيعي، في فترة أستقطاب هائل، فرضته؛ عدم توفر إنجاز، واضح، تتمسك به، والتحدي الأخر، ظهور وعي شعبي جديد، غير تقليدي، في الساحة. قد يقلب موازين القوى، على التكتلات التقليدية. هذا ما عجل إجراء عمار الحكيم بالتخلص من مسؤولية المجلس الأعلى الإسلامي، وعجائزه المخضرمين، ليفلت بتشكيل تنظيم مدني، شاب جديد، يدعي إنه عابر للطائفية، ويتخلص به، من مسؤوليته المرحلة الماضية، وإرثها الثقيل. وما ينطبق على المجلس الأعلى، تراه، ينطبيق على آخرين، قد يجدون، أنفسهم، ينوئون من ثقل أحمال الطائفية. أبرز اللاحقين به، هو مشروع تحالف نوري المالكي بسليم الجبوري. وهذه نماذج، للأحزاب الطائفية الكبيرة، في تفككها، فما بالك، بحال التكتلات الصغيرة. وأمام هذا الحراك، معروف الأهداف. هل يمكن أ
…