حَلمنا مُنذ أمدٍ بَعيد، بمَطلعِ فجرعراقٍ جديد، وكُنا نُرَدد بحماس ونُعيد، وطنٌ حرٌ وشعبٌ سعيد، وخرجنا ذات يوم عيد، في مظاهراتِ دعم وتأييد، صَدحت بأصوات هتافاتٍ وأناشيد، وعهودٍ على أن لا نُحيد، عن إيماننا بفكر سَديد، وأن نمضي إلى ما نريد، تحت راية حزبٍ مجيد، له في النضال تاريخ عتيد، سَجّل صفحاته رجالٌ صناديد، أقل ما يُقال عنهم أجاويد، لم يَخفهُم جلاوزةٌ أناكيد، ولا أعوان احتلال وعبيد، باعوا أنفسهم بسعر زهيد.
لقد مرّت السنونَ والعقود، وطال انتظار اليوم الموعود، وكدنا نفقد الأمل المعقود، على الوصول إلى المقصود، وتحقيق ولو بعض الوعود، بعد بَذل أقصى الجهود، وضَرب أروع أمثلة الصمود، بوجه تعسف النظام الحقود، وهمجية أساليب العدو اللدود، الذي أقسم بالآباء والجدود، وقطعَ على نفسهِ العهود، وأعلنها أمام الملأ والشهود، بأن ينفينا من الوجود، معتمداً على القوة والنقود، ولكنه لم يتوقع الردود، بإصرارنا على تخطي الحدود، وعزمنا على مضاعفة المجهود، والوقوف في مقدمة الحشود، التي اصطفت واستعدّت كالجنود، وراحت تشق طريقها المَسدود، برفع أكوام الحواجز والقيود، لفتح باب الحرية الموصود، وصولاً إلى الهدف المنشود.
لم يَنل مِنا نوري السعيد، ولا صدام حسين المجيد، وكل حملات القمع والتشريد، مثلما نالت لغة التهديد، وزادت عليها لهجة الوعيد، وفرض العقوبات وطرد العديد، وحل تنظيمات الحزب والتجميد، في فترة عزيز وخَلَفَهِ الحَريد، التي امتد عمرها المديد، وطال أمدها بفضل التمديد، لخمسة وخمسين عاماً بالتحديد، وكانت على وشك التجديد، لربما إلى حد التأبيد، رغم الفشل والتخبط الشديد، وسقوط الشهيد تلو الشهيد، ونُذر احتمال وقوع المزيد، وسط أجواء التوتر والتصعيد، لولا قرار هجرة العديد، إلى الدول الأوروبية كالسويد، وسرعة هرَب السكرتير الفريد، الذي فرَّ كالفرس الشريد، إلى المكان الآمن والبعيد، لينعم هناك بالعيش الرغيد.
لن يُقبل منهم عذرا، فقد تعاونوا سرا، وبرروا العدوان جهرا، وحالفوا الأعوان طرا، ومن ضمَر لنا شرّا، وأراد النيل غدرا، واعتبروا الاحتلال نصرا، وكتبوا إليه نثرا، ومدحوا “مأثرته” شعرا، وزادوا المُحتل قدرا، وشرحوا له صدرا، وما خالفوا له أمرا، فحدّد لهم سعرا، وقبضوا منه أجرا، وقالوا له شكرا، ودمت “للأصدقاء” ذخرا، ويا ليتهم سكتوا دهرا، وما مارسوا عهرا، ولا حَرّفوا فِكرا، وما نطقوا كفرا، فالوطن ليس حُرا، وثرواته تذهب هدرا، والشعب عيل صبرا، وحاله يزداد فقرا، وعُسرهُ ينتظر يُسرا، وليلهُ يرقبُ فجرا، ودنو الفرج حصرا، وتراهُ يشكو عجرا، إلى الله وبَجرا، ممن زاده قهرا، وجعل عيشه مُرا، وراح يقوده قسرا، كقطيع يُساق حشرا، ويُعامل أفراده زجرا.
إنه لأمرٌ حتمي وأكيد، أن لا يُصلِح رائد ومُفيد، ما أفسدهُ عزيز وحميد، وما مِن أمل بالتجديد، مهما بَذلا الجهد الجهيد. فعزيز على وجه التحديد، قد عجز بفِكرهِ الجَميد، عن رص الصفوف والتوحيد، ولكنه نجح بكل تأكيد، في إحداث الانقسام والتكريد، مما استوجب الشجب والتنديد، لكونه خالف المبادئ والتقاليد. أما خلفه حميد مجيد، فقد كان الشيوعي الوحيد، الذي تذوق طعم العصيد، مع رفاق الهريسة والثريد، في مجلس الحكم البليد، لا بصفة المُعارض العنيد، أو الشيوعي ذي البأس الشديد، وإنما ليجلس فيهِ كالهَميد، كما شاء بريمر الرعديد، وأراد رئيسه الأحمق والعربيد.
نعم، سنمضي الى ما نريد، يحدونا الأمل والعزم الوطيد، على بناء الغد السعيد، وضمان مستقبل الأبن والحفيد، لا مع المُحتل كالعبيد، ولا مع الأعوان الأناكيد، بل مع الجيل الجديد، من شباب الوطن الأحرار، الساعي الى تصحيح المسار، والقادر على رد الاعتبار، لآلاف الرفاق والأصدقاء الأحرار، الذين دعوا الى الحوار، ووضع حد للتراجع والانحسار، ولكنهم جوبهوا بالتحذير والانذار، وحوربوا مع سبق الاصرار، من قبل تجار اليسار، ومَن فضل المُحتل والدولار، والهَرب السريع عند الأخطار، وهم يتبجحون بفارغ الأعذار.