تابعتُ حاله وهو ينطق كلاما بلا مشاعر ، كنتُ عنده بناءً على طلبه في ظهيرة جاوزت حرارتها الخمسين .. ورغم ما امتلك من رؤية عن شخصيته المراوغة ، لكني اقنعتُ نفسي على مضض ، متوكلاً على الله وفي ظني ، انه استفاد من ملاحظات الآخرين عنه ، غير اني وجدته باق على كلامه اللين ، دون وعد صادق ، ناسياً ان الرجل كلمة .. وما عداها يبقى مجرد كائن هلامي .. ضار لنفسه ولغيره ..!
في داخلي ، كنتُ عازماً بصدق ، على معاونته في لملمة ظروفه ، وعلاقاته غير الودية الناتجة عن ثرثرته ، وشكوكه مع مسؤولين كرام عن ديمومة مسيرته ، امام من يسعى الى تمثيلهم !
هذه الشخصية ، ليست حالة استثنائية في واقعنا ، لكنها اصبحت كما يبدو ، ظاهرة مجتمعية ، باتت تهدد المصداقية ، التي هي اساس وعماد السلوك البشري السوي ، فالرجل الحصيف ، يعني رجل الكلمة الصادقة ، وصاحبها من يمتلك الشجاعة التي تجعله يقف ويتحدث بثقة ، ويجلس ويستمع باقتدار.
بالكلمة تُعرف الرجال ، وهي دائما تسبق الفعال ، هي في الحياة العملية سيف قاطع ، مثلما هي لحن بارع ، وفي عالم التعامل الانساني ، تصل الكلمات الصادقة الى القلوب بانسيابية عالية المستوى … الكلمة الصادقة هي السر الذي لا تنفتح القلوب إلا به ، ولا تلين إلا له .. إنها نصير، الوعد الصادق.
ان الكلمة الصادقة أهم الصفات الإنسانية ، لأنها الصفة التي تضمن باقي الصفات.. وارى ان من لا يجد في نفسه الشجاعة الكافية لتنفيذ وعد قطعه ، وكلمة تفوه بها ، لن يحقق شيئاً في حياته ، فأسوأ شيء أن يكون المرء جبانا و يدعي الرجولة !
ان للوعد والكلمة حدوداً وضوابط تمنع كل من يحاول العبث بها وإطلاقها دون تأمل وترقب ، لما سوف يترتب عليها وعلى نتائجها حين لم ينفذها ، فالكلمة مسؤولية ، وان الرجل هو كلمة.. والكلمة هي سر الأسرار لقد كتبت اليوم عن ظاهرة بعينها ، ولاحقاً ستكون المواقف والاسماء قرينة الذكر .. الم اقل ان الرجل .. كلمة !