عندما نعفو عن الدول التي قادت الإرهاب ومولته بالمال والسلاح والفتوى في العراق، ولاداعي لذكرها هنا فقد أصبحت معروفة للقاصي والداني، خاصة بعد أن اعترفت هي على نفسها بعد الخلافات التي اجتاحت أطرافها أخيراً، ونقوم نحن كحكومة عراقية وأحزاب بسياسات تساعد على تبرئتهم من سفك دماء العراقيين، فلا معنى بعد ذلك لبقاء العقوبات ضد عملائهم السياسيين في الداخل العراقي، وهذا العنوان يفصح عن سبب الإصرار على عودة المطلوبين والمدانين قضائياً لتصدر المشهد السياسي في العراق كممثلين لأحد الأطياف العراقية، على حساب نظرائهم الذين قاتلوا القاعدة وداعش، وقدموا آلاف الشهداء على هذا الطريق، وامتزجت دماؤهم مع دماء أخوانهم في باقي المكونات العراقية الأخرى، مما فرض واقعاً جديداً مدعوما بقوة بالثقة بين الأطراف العراقية التي تسعى الى الحفاظ على وحدة العراق، واعادة دوره العربي والإقليمي الذي يستحقه.
والحكومة العراقية لاتعمل بمفردها لسلوك هذا الطريق، فالواقع يثبت بما لايقبل الشك إنها مدعومة من شركائها السياسيين الأساسيين، وداعميها من رجال الدين، وسوف تمرر كل سياساتهم رغماً عن كل الرافضين حتى وان كانوا أغلبية لأن هذه السياسة مدعومة أمريكيا.
الى هنا فالأمر يبدوا في غاية الحنكة السياسية والدهاء و للأطراف الداخلة في هذا المشروع، ولاغبار عليه، ونحن لانتهمهم بالعمالة المطلقة للمشروع الخارجي الأمريكي، فربما تكون لهم وجهات نظر في سبل اخراج العراق من دوامة القتل اليومي المستمر منذ 14 عاماً، أو ربما يفكرون بأكثر من ذلك التاريخ ليمتد إلى حقبة صدام حسين التي أكلت الأخضر واليابس.
ولكن السؤال الذي يخشى من إجابته الجميع، هل أن أمريكا ستكافئ هذه الأطراف مجتمعة من خلال بقائها على رأس المشهد السياسي العراقي، وإدارة الدولة العراقية؟
البعض يصف الحالمين بهذا السيناريو بالأغبياء والجهلة، لأن أمريكا تعمل على حفظ مصالحها، ومصالح الدول الخاضعة لها 100% وأولها إسرائيل، وثانيها دول االخليج التي صرفت ولا تزال تصرف المليارات من أجل ارباك العملية السياسية في العراق، من أجل تغيير معادلة إدارة الدولة العراقية، لذلك فهم يؤسسون لمرحلة مابعد داعش، والتي ستكون على مرحلتين: الأولى الحرب الداخلية بين الأطراف المتصارعة على السلطة فيما بينها، وستكون ساحة حربها في حواضنها في الوسط والجنوب، وتقسيمهما الى فريقين، أحدهما يتم دعمه من إيران، والآخر يكون مدعوماً من السعودية والامارات، حتى يستنزفوا قدرات الطرفين خلال سنتين، ثم تبدأ المرحلة الأخيرة لوضع حكومة جديدة تدير العراق، وعلى الأرجح لن تكون قيادتها من المكون السني، بل ستكون قيادة شيعية علمانية، مدعومة بالآلة العسكرية من الجيش والشرطة.