18 ديسمبر، 2024 7:37 م

الجهاد الأصعب .. محاربة الفساد

الجهاد الأصعب .. محاربة الفساد

زالت دولة الخلافة، بسواعد سمر، وقلوب متقدة كالجمر، كرهاً لمن كان سبب كل هذا، و حرقة على من كانوا ضريبة النصر؛ ترى متى و كيف، سنستطيع اعادة البناء؟
فتوى الجهاد الكفائي، كانت بداية الثورة، ليس ضد الدواعش فحسب، بل أيضاً ضد أنفسنا المريضة، التي أحست ببوادر الخطر، لكنها فضلت السكوت، لأنها للأسف فقدت إنتماءها، وتركت وطنيتها خلفها، باحثة عن المصالح الشخصية، فغاب عنها أن لا مصالح شخصية، بعد ضياع الشخصية نفسها.
تغير الجو العام، و سادت النظرة التفاؤلية في الشارع، و زادت ثقة الناس بأنفسهم، وقدرتهم على تغيير واقعهم، الذي صنعوه بتخاذلهم، وتنازلهم عن حقوقهم، التي أهمها المطالبة بالقصاص، ممن إستغلهم وركب الموجة، وليته كان يتقن الركمجة، فغرق و أغرقنا معه، تاركاً خراباً، نحتاج الى وقت و جهد لإصلاحه.
هب المجاهدون الى ساحات الشرف، مذخِّرين أسلحتهم، بدمائهم وعرقهم، فأعادوا الأمجاد العراقية، التي لم ينسها أحد، تاركين خلفهم عوائلهم، تحت رعاية المرجعية، التي لم تفتِ بالجهاد، قبل أن تأخذ على نفسها عهداً، أن تسد حاجات بيوت المقاتلين، كي يكونوا مطمئنين، لا يشغلهم عن هدفهم شيء، و عيونهم منصبة على تحرير الأرض، و إنقاذ مواطنيهم المرتهنين.
الجانب الآخر من الجهاد، كان النداء للتغيير، على لسان خطباء الجمعة، الذين أكدوا على وجوب محاسبة المقصرين، و محاكمة من باعوا الأراضي العراقية، سواء تواطؤاً أو تخاذلاً، فأعادونا إلى قبل المربع الأول بكثير.
المشكلة أن الحساب لم يكتمل، والعقوبة تم التغاضي عنها، لأن الإصلاح المزعوم، لم يكن حقيقياً، بل كان فاقداً، لكل أدوات النجاح، حيث جيرت دعوات الإصلاح، لجانب بعض المغرضين، الذين يهمهم خلط الأوراق، و حرق الأخضر مع اليابس، فأطلقوا شعار ” كلهم حرامية” لكسر ظهر العملية السياسية، و حماية حلفائهم، من تسليط الضوء، على جرائمهم، فكانت النتيجة، إستقالة بعض الكفوئين إستجابة للشعب، بينما لم يذكر أي تجاوب، من قبل جهات متهمة بكل هذا.
جاءت لحظة حسم المعركة العسكرية، و سنتفرغ لمحاسبة دواعش السياسة، الذين أفسدوا العملية السياسية والوحدة الوطنية، يجب أن يعاقبوا على كل أفعالهم، و تفضح كل جرائمهم، ليعلم الشعب العراقي، من هم أعداءه الحقيقيون، الذين نهشوا لحمه، واستغلوا ثقته بهم.
السؤال ليس عن جدوى المعركة ضد هؤلاء، لأن أي جهد يبذل في هذا الأمر، هو ذو قيمة؛ لكن هل سنستطيع كشفهم؟ وهل سيعي الشعب، صاحبه من عدوه بسهولة؟ لأن هؤلاء المجرمين، لن يقفوا مكتوفي الأيدي، بل سيسلطون عصاباتهم، تثير الأزمات، و تشوش الصورة، مسببين معضلة جديدة، لا تقل خطورة، من سابقاتها، إن لم تكد أشد.
اللطيف أعلم.