22 نوفمبر، 2024 6:27 م
Search
Close this search box.

دور الدستور في رسم ملامح المحكمة الاتحادية العليا

دور الدستور في رسم ملامح المحكمة الاتحادية العليا

حتى العام 2005، كانت محكمة التمييز الاتحادية بموجب السلم القضائي العراقي الهيئة القضائية الاعلى في العراق، لكن بعد هذا التاريخ استحدثت هيئة على غرار الأنظمة القضائية للدول المتطورة كما هو الحال في الولايات المتحدة الاميركية والعديد من الدول الاوروبية الديمقراطية.
أذن نحن اليوم أمام محكمة لم تكن معروفة في العهود السابقة، وهي المحكمة الاتحادية العليا بوصفها القضاء الدستوري العراقي وهذه التسمية تحمل شقين، الاول كونها الوحيدة التي تمارس صلاحيات تتعلق بتفسير الدستور القانون الاسمى والاعلى في البلاد (وهي تسمية وردت في المادة 13 من الدستور)، كما تنظر في مدى مطابقة القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية مع احكام هذا الدستور، أما الشق الثاني كونها ليست مركزية أنما يمتد اختصاصها إلى جميع انحاء العراق بما فيه اقليم كردستان تطبيقاً للمادة الاولى من الدستور التي نصت على أن (العراق بلد اتحادي)، في حين أن القضاء الدستوري العراقي هو اتحادي ايضاً.
والمحكمة الاتحادية العليا، هي قمة الهرم في تشكيلات النظام القضائي العراقي الحديث، الوارد ذكرها في المادة (89) من الدستور ومن تحتها مكونات السلطة القضائية الاتحادية الاخرى، واصدرت منذ تأسيسها العديد من القرارات والتفسيرات الدستورية المهمة، كما اسهمت في فض الكثير من النزاعات التي نشأت كادت أن تعطيل النظام السياسي العراقي لولا وجود جهة قضائية تعنى بالفصل في الملفات الدستورية.
وتتكون المحكمة من تسعة قضاة لديهم الخبرة الكاملة تم ترشحيهم من قبل مجلس القضاء الاعلى وفقاً للسياقات القانونية والمصادقة على تعيينهم بموجب مرسوم جمهوري ولها قانون يحدد كيفية ممارسة مهامها والية عقد جلساتها وهو القانون رقم (٣٠) لسنة ٢٠٠٥.
أما الاختصاصات فقد وردت في الدستور، ونجدّ أن دخول المشرع الدستوري في تفصيل الاختصاصات وعدم تركها إلى القوانين والقرارات التنظيمية يعكس اهميتها وخطورة دورها في النظام السياسي للعراق.
ولولا تلك الاهمية لنص الدستور كما هو حال بقية التشكيلات على عبارة “يسن قانون ينظم اختصاصاتها”، لكنه اقتصر ذلك على الجوانب الشكلية ولم يترك لمجلس النواب التدخل في تلك الاختصاصات لكي لا تكون تحت مرمى الاهواء السياسية.
والاختصاصات الواردة في المادة (93) من الدستور هي الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير النصوص الدستورية، والفصل بالخلافات الحاصلة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم أو المحافظات غير المرتبطة بإقليم، وبين البلديات والإدارات المحلية.
كما تختص المحكمة في الفصل بالاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية أورئيس الوزراء أو الوزراء وكذلك المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات، والفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيآت القضائية للأقاليم أو المحافظات غير المرتبطة بإقليم.
أما عن نص الدستور في المادة (94 ) من الدستور على ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة، يعني منحها العلوية على جميع تلك السلطات، بل أن رئيس المحكمة يعدّ من الناحية الوظيفية بمنزلة رئيس الجمهورية لان محكمته الوحيدة القادرة بموجب الدستور على محاسبة الرئيس العراقي عن جريمة الحنث باليمين او الخيانة العظمى، او خرق الدستور ولا يمكن لمجلس النواب اقالته الا بعد صدور قرار ادانة من المحكمة الاتحادية العليا بذلك تطبيقا للمادة (٦١/سادسا/ب) من الدستور.

أحدث المقالات