الهروب الى الأمام سياسة يلجأ اليها الفاشلون الى الفرار من تحمل المسؤولية والتنصل عنها والنأي بالنفس بعيدا عن دائرة الإتهام في حدوث الأزمات او عدم الوصول الى حل ناجع لمعالجتها فضلا عن عدم التفكير في حلها، وهو مرض خطير يفتك بالمجتمعات والأوطان…
التجربة والواقع يؤكد ان السياسيين في العراق قد تفننوا في ممارسة خدعة الهروب الى الأمام تجاه كل الازمات التي لم تفارق المشهد العراقي في عصر الديمقراطية التي حلت نقمة على العراق وشعبه، فبدلا من أن يبادر المسؤولون الى معالجة الأزمات او التقليل منها صاروا هم صنّاعها لأسباب باتت معلومة لدى لجميع، وإذا ما طرأت ازمة جديدة او طالت واستمرت فإن سياسة الهروب الى الأمام هي المنفذ لساسة العراق المحنكين!!!،
ازمة الكهرباء هي الأزمة التي يكتوي بها العراقيون الذين يعيشون في بلد من أغنى بلدان العالم، ومنذ حوالي اربعة عشر سنة لم تحل هذه الأزمة التي قدِّر لها عن علم وعمد ان تكون قرين هذا الشعب المسحوق!!!، وما ان يحل الصيف حتى تجبره حرارة الجو التي لاترحم الى الخروج بتظاهرات للمطالبة بتحسين واقع الكهرباء التي تتوفر في افقر البلدان، وبدلا من ان يبادر المسؤولون الى الإستجابة ولو الشكلية لمطالب المتظاهرين يسارعون الى اختلاق المبررات لتعليق فشلهم في هذا الملف الخدمي خصوصا، فنسمع تصريحات فارغة بعيدة عن أصل المشكلة، ومن اخطرها تلك التي يراد منها حرف مسار القضية وتسويفها وصولا الى قمعها، والمضحك المبكي ان تلك التبريرات هي الحاضرة في مثل هذه الملفات فوجود المندسين شماعة يعلق عليها الفاشلون الفاسدون فشلهم وفسادهم، والصاق التهم بشريحة معينة هو الكذبة التي يروج لها الساسة في التعاطي مع هكذا قضايا، وكأن حق التظاهر مكفول لجهة دون اخرى في حين ان الدستور الذي سنه برايمر وصوت له معظم العراقيين يكفل حق التظاهر السلمي!!!!،
حقا غريب أمر هؤلاء الساسة هم لم يكترثوا بالدماء التي سقطت والأرواح التي أزهقت والمعاناة المستمرة التي حصلت للمواطن العراقي وجل همهم هو النأي بأنفسهم عن قفص الإتهام بالجرم الثابت بالأصرار المتعمد، وكل جهة ترمي اللوم على غيرها لتصفية الحسابت، وبين هذا السياسي وذاك تستمر معاناة المواطن العراقي، ولله در من قال:اقسم لكم واقسم واقسم بان الوضع سيؤول وينحدر الى أسوأ وأسوأ وأسوأ… وسنرى الفتن ومضلات الفتن والمآسي والويلات ..مادام أهل الكذب والنفاق السراق الفاسدون المفسدون هم من يتسلط على الرقاب وهم أصحاب القرار .. وهل تيقنتم الان ان هؤلاء المفسدين يتعاملون مع شعب العراق وفق منهج الفراعنة والمستكبرين وانهم مستمرون وبكل إصرار على هذا النهج السيئ الخبيث الحقير….. فانهم وعلى نهج فرعون يستخفون بكم فتطيعونهم كما استخف فرعون بقومه فأطاعوه (( فاستخف قومه فأطاعوه ))الزخرف/54…. وانهم ينتهجون معك
يا شعبي العزيز سياسة المستكبرين الظالمين المستعمرين سياسة ( جوّع كلبك يتبعك )… فسيبقى الشعب العراقي المظلوم في عوز وفقر وضياع وإرهاب وتشريد وتقتيل مادام هؤلاء يتسلطون على الرقاب..
فأين الساسة من قول علي بن ابي طالب:
وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الاَْطْعِمَةِ ـ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ بِالْـيَمَامَةِ مَنْ لاَطَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ ـ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَىوَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَة * وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ
أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا، وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ أُتْرَكَ سُدىً، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلاَلَةِ….،