ما إن تمر بزقاق من أزقتها, أو شارع من شوارعها, أو أن تعبر على جسر من جسورها, إلا وتشاهد أمامك عشرات من الصور لشهداء العراق, ممن قدموا أنفسهم دفاعا عن الوطن وتلبية لنداء المرجعية.
محافظة ذي قار تحتل الصدارة في عدد ابناءها الشهداء والجرحى الذين قدمتهم فداءا للوطن, حيث بلغ عدد الشهداء من رجالات الحشد ما يقرب من الألف شهيد, ومن الجرحى ما يبلغ الفين وخمسمائة شهيد, أما ما قدمته من شهداء الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب, ولنفس الفترة منذ صدور الفتوى بلغ 250 شهيد 1200 جريح حسب الإحصاءات الرسمية.
هذه التضحيات التي قدمتها محافظة ذي قار ليست جديدة عليها ولا على ابنائها, فهي المدينة التي انطلق منها المجاهدون لمحاربة صدام وزمرته البعثية, وكانت أهوارها مقرات لعمليات الجهاد ضد الطغيان الصدامي, وقد قدمت أيضا في تلك الفترة شهداء تلو الشهداء.
البحث عن أسباب التضحية والإيثار لدى أبناء ذي قار بهذه الهمة والغيرة العالية يجعلنا نضع أصابعنا على عدة نقاط مهمة جعلتهم مضحين ومؤثرين, منها إن شعب ذي قار هو شعب متدين وعقائدي وصلب الإيمان, كذلك الشعب في ذي قار شعب وطني محب لوطنه, باذلا نفسه في حمايته, كذلك يمتلك أبناء ذي قار من المروءة والشهامة والغيرة ما يدفعهم ليضحوا بالغالي والنفيس والذود بأرواحهم عن الوطن والمقدسات.
يبقى أمر مهم لابد أن نشير إليه! وهو إن أعداد الشهداء والجرحى يضع المسؤولية الكبيرة على عاتق الحكومة, لإنصاف هذين الشريحتين –الشهداء والجرحى- وعوائلهم, وخصوصا مع ما تعانيه محافظة ذي قار من فقر جعلها في مقدمة محافظات العراق على خط الفقر, لذا على الحكومة ومؤسساتها العمل جاهدة لتوفير ما يلزم لسد احتياجات عوائل الشهداء, كذلك فإن مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني, ومنظمات حقوق الانسان, من جانبها تتحمل مسؤولية أخلاقية في دعم هذه الشرائح.