19 ديسمبر، 2024 1:17 ص

تقهقر تنظيم الدولة الإسلامية ، الأسباب والتوقعات !

تقهقر تنظيم الدولة الإسلامية ، الأسباب والتوقعات !

لم يكن من الصعب الحديث عن توقع خسارة تنظيم الدولة الإسلامية لمواقعه المحصنة في الموصل التي تعتبر أكبر معاقله في العراق بعد ما شهدناه من معارك مماثلة في الأنبار وصلاح الدين، عندما اتبعت حكومة العراق وقواتها الأمنية وحشدها الشعبي سياسة الأرض المحروقة التي يستحيل معها تطبيق أية خطة قتالية لمواجهة تدمير ممنهج مصاحب لخطة تهجير قسري لمئات الآلاف من سكان المدن المستهدفة، ناهيك عن آلاف الضحايا الذين لازال كثير منهم تحت أنقاض البنايات التي استهدفتها طائرات التحالف ومدفعية القوات الأمنية.

يعلم التنظيم جيدا بأن تكتيك الأرض المحروقة سيكون الحل المفضل للقوات الأمنية العراقية والحشد الشعبي، ولن يكون مجديا الاستمرار في المواجهة دون خسارة الأرض، لذلك دفع عدد محدود من مقاتليه لإشغال القوات الأمنية في حرب عصابات غير مأمونة النتائج، وفي المقابل تسرب الكثير من المقاتلين قبل وخلال المعارك لضواحي الموصل وبقية المناطق التي لا زالت تحت سيطرته، وكذلك لسوريا التي تشهد أيضا معارك ضد التنظيم في الرقة وحلب.

أعلنت الحكومة العراقية بعجالة عن انتهاء التنظيم قبل انتهاء المعارك التي لا زالت تجري في الجزء الأيمن من مدينة الموصل، ربما كان ذلك نوعا من التوجيه المعنوي لرفع معنويات مقاتليه الذين بدأ أهاليهم بالتململ مع تواصل استقبال قتلاهم دون نتيجة تذكر، وكذلك لإيقاع الاثر في قلوب من يقاتل ضمن التنظيم، وهو ذات السبب الذي دفع روسيا لإعلان مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في غارة جوية روسية دون التأكد رسميا من مقتله، فضلا عن تشكيك أمريكي بالرواية الروسية.

كثيرون تساءلوا عن مصير قادة التنظيم بعد فقدان الأراضي واحدة تلو الأخرى، وعلى ما يبدو إن بعضهم قُتل في المعارك الدائرة وآخرين وربما منهم البغدادي قد انتقلوا إلى صحراء الانبار، وهي المنطقة العصية على القوات الامنية منذ بدء انتشار التنظيم في المناطق الغربية والشمالية من العراق، لكن التنظيم اليوم لن يكون بحاجة إلى البغدادي بعد ان نقلوا صلاحياته إلى اللجنة المفوضة، وهي الجهاز التنفيذي الاهم في التنظيم والتي تأخذ على عاتقها إدارة قيادة التنظيم وتشرف على العمليات العسكرية الجارية حاليا.

ختاما يمكن توقع نهاية العمليات القتالية في صفحتها العسكرية التقليدية، لكن مع احتمال كبير لعودة التنظيم لأسلوب حرب الشوارع، خاصة وإن هناك عقد عسكرية كبيرة لا زالت تنتظر القوات الأمنية لحلها في الحويجة وتلعفر ومناطق من الأنبار التي لا زال التنظيم يسيطر عليها، لكن الاخطر في الامر هو إعادة هيكلة مقاتليه واستهداف مناطق لم تكن ضمن خارطة توقعات قوات التحالف أو الحكومة العراقية وقواتها الامنية، وربما تكون صحراء الأنبار نقطة انطلاق لمرحلة جديدة لا تقل خطورة عما سبقها من معارك.