من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين.
صحيح هذا تماما فربما أصدر قاض حكما بالإعدام، أو بالسجن، وكان المتهم في حقيقة الأمر بريئا بينما القاتل والسارق يمرحان ويسرحان ويفرحان وينعمان بالحرية والسبب ليس لأن القاضي غير نزيه، أو إنه متواطيء لكن الأمر مرتبط بمايسبق النطق بالحكم، ففي أحيان تتوفر قرائن ومعطيات تجهز مسبقا ويكون القاضي في مواجهة تلك المعطيات فهو لايعمل وفقا للنوايا، وهذا ماتشير إليه فكرة الحديث القائل، من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين، وكان الذين يكلفون بالقضاء من أهل العلم والدراية والورع والحكمة يتجنبون القضاء، ويهربون منه، وكانوا يهددون في الغالب، ويعذبون في حال رفضوا تولي المهمة.
في زمننا هذا تحول العمل في القضاء الى مهنة يمكن القيام بها بعد سنوات من الدراسة الأكاديمية، وكثر المشتغلون فيه من النساء والرجال، وتختلف المعايير من بلد الى آخر، ومن القضاة من يرضخ لحكم السلطة. ففي عهد صدام حسين كانت الأحكام القضائية في الغالب سياسية بإمتياز، ولعل أشهر من كان يصدر أحكاما قضائية كيفية القاضي عواد البندر.
القضاء في العراق بعد العام 2003 تعرض الى إتهامات عنيفة وكانت السلطة القضائية عرضة للإنتقاد، وخرجت تظاهرات طالبت برؤوس شخصيات نافذة، لكن المؤسسة القضائية تحاول الإستمرار في المهمة بعيدا عن تلك الضغوط، فلامجال للعواطف في مهنة القضاء، ويبدو إن المرحلة الحالية طبعت بحوادثها كثيرا من القضايا حتى التي صدرت فيها أحكام وهي عادلة نتيجة الإحتقان السياسي والصراع على السلطة.
والصراع على السلطة قد يؤدي بنا الى القول، إن القضاء في العراق ذبيح السلطة.