5 نوفمبر، 2024 9:50 ص
Search
Close this search box.

ألامام علي والشهادة الموقعة نبويا

ألامام علي والشهادة الموقعة نبويا

عندما تخضب جسد ألامام علي بالجراح في معركة ” أحد ” وزاره رسول الله “ص” يتفقد حاله , وكانت به ثمانون جراحة , فقال له رسول الله “ص” كيف حالك ياعلي ؟
فقال : يارسول الله : لو حملت على ألاكف ماتركت نصرتك ؟
ثم قال لرسول الله : كنت أتمنى الشهادة يارسول الله ؟
فقال رسول الله لعلي بن أبي طالب : أنها ورائك ؟
وعندما جرح ألامام علي بن أبي طالب عليه السلام بسيف عبد الرحمن بن ملجم المسموم نتيجة غدر له قصة معروفة في التاريخ وتاريخ جرح ألامام في مسجد الكوفة وهو ساجد يصلي في يوم 19| شهر رمضان المبارك , ثم كانت شهادته يوم 21| من شهر رمضان المبارك وهو من أيام وليالي القدر المبارك , لذلك قال الكلمة المشهورة : –
” فزت ورب الكعبة ”
ثم عندما أجتمع حوله أبناؤه وأهل بيته قال لهم :-
” أوصيكم بكتاب الله لاتتركوه وراء ظهوركم , وسنة رسول الله عضوا عليها بنواجذكم ”
ثم قال لهم :-
” كم أضطردت ألايام أبحث عن مكنون هذا ألامر , فأبى الله ألا أخفائه : هيهات سر مكنون , ثم قال لهم : أياكم والمثلة ولو بالكلب العقور , فأن أردتم القصاص فأنما هي ضربة بضربة ؟
وأذا قمت من ضربتي هذه فأنا وكيل به أي بالجاني وهو عبد الرحمن بن ملجم .
تمر علينا هذه ألايام ذكرى أستشهاد ألامام علي بن أبي طالب في 21| من شهر رمضان المبارك , وذلك نتيجة تضافر جهود الغدر والخيانة من الذين وترهم ألامام عليه السلام بسيفه في سبيل الله حيث أن القتال كان في المشروع ألاسلامي هو على الشكل ألاتي:-
1-  أن القتال هو لدفع مظلمة
2-  وأن القتال هو لآسترجاع الحقوق
3-  وأن القتال هو لكبح جماح المستكبرين والمفسدين والطغاة
4-  وأن المسلمين لايبدأون أحدا بالقتال ألا أن يكون هو من بدأهم أولا
ولذلك كان رسول الله “ص” يقول : –
” أعطيت الشفاعة , ونصرت بالرعب ”
والرعب متضمن للقتال المشرع من قبل السماء , قال تعالى :-
1-  وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا أن الله لايحب المعتدين – 190- البقرة – وهكذا نرى أن الله الذي شرع القتال عند الضرورة , فأنه لايحب لآحد من المسلمين أن يكون معتديا بحجة السماح بالقتال , فللقتال في ألاسلام موازين وأسس أخلاقية تراعى فيها حرمة الجميع ويراعى فيها حقوق الجميع حتى الخصوم .
2-  وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين للله فأن أنتهوا فلا عدوان ألا على الظالمين – 193- البقرة – وهكذا نرى هنا أن القتال هو لدفع الفتنة بين الناس وسنرى أن ألاسلام يعتبر الفتنة أشد من القتل وذلك كما في ألاية -191 من سورة البقرة حيث قال تعالى :” وأقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ” ولذلك نرى اليوم أعمال ألارهاب في التفرقة الطائفية والتخريب والدمار وتلوث النفوس بالجريمة والهبوط ألاخلاقي مثل أغتصاب النساء , وذبح ألابرياء , هو أشد من القتل , وهذا ألامر أصبح الناس يعرفونه في العراق وفي سورية وبقية البلاد العربية وألاسلامية
3-  كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون – 216- البقرة –
4-  يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه , قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وأخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم أن أستطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون – 217- البقرة – وهنا رأينا أن أخراج الناس عدوانا من المسجد الحرام هو أكبر من القتل ثم هو فتنة والفتنة هي أكبر من القتل , وتهجير الناس اليوم من بيوتهم وتخريبها بأيدي العصابات ألارهابية كما يحدث في العراق وفي سورية هو فتنة والفتنة أشد وأكبر من القتل .
5-  ألم تر الى الملآ من بني أسرائيل من بعد موسى أذ قالوا لنبي لهم أبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا , قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا ألا قليلا منهم والله عليم بالظالمين – 246- البقرة- فألاخراج القسري من الديار هو من ألاسباب الشرعية الموجبة لقتال العدو الذي قام بذلك .
6-  وأذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم – أل عمران – 121-
هذه بعض الصور عن مشرعية القتال الذي تحدثت عنه ألايات القرأنية منه من وقع أيام موسى عليه السلام أو أيام دواود عليه السلام , ومنه من وقع أضطرارا أيام رسول الله “ص” وشهدها ألامام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كان مدافعا عن ألاسلام عبر الوسائل التالية :-
1-  الدفاع بالسيف : وهو الجهاد باليد الذي أعتبره ألاسلام من أولى مصاديق العمل على نهي المنكر, ومن المعارك التي خاضها وقهر بها فرسان الكفر والشرك هي :-
أ‌-     محاولة أبي سفيان منعه من أصطحاب عائلة رسول الله بالهجرة الى المدينة , حيث أرسل أبو سفيان خلفه عبدا له ليؤخر مسيرة علي حتى يلحق بهم أبو سفيان ويمنعهم من الهجرة الى المدينة , فما كان من علي بن أبي طالب ألا أن قتل ذلك العبد بعد أن أعترض طريقه , ولما وصل أبو سفيان وعلم بقتل العبد قال لعلي بن أبي طالب : لم تأخذ بنات عمنا ؟ فقال له علي بن أبي طالب : خولني من هو أحق بهن منك ؟
ب‌-          بلائه بلاءا حسنا في معركة ” بدر ” في السنة الثالثة للهجرة حيث قتل تسعة من قادة كفار قريش وهم ” طلحة ثم قتل أبنه سعد بن طلحة لما أخذ الراية ثم قتل مسافع لما أخذ الراية  , ثم أخذها عبد لبني عبد الدار فقتله علي بن أبي طالب حتى وصل عدد من قتل من قادتهم وفرسانهم تسعة , ثم أخذت رايتهم أمرأة من بني كنانة .
ت‌-          بلائه يوم معركة أحد التي وقعت الهزيمة بجماعة المسلمين نتيجة عدم ألتزام النفر الذين كانوا مع عبيد الله بن جبير الذي وضعه رسول الله على رأس خمسين مقاتلا وقال له : لاتبرحوا مكانكم حتى لو وصلت قريش الى منازلها في مكة , ولكن البعض منهم حدثتهم نفوسهم بالغنائم وبدأوا يتسللون واحدا واحدا حتى لم يبق مع عبد الله بن جبي سوى أثنا عشر مقاتلا , وكان أبو سفيان قد أمر خالد بن الوليد على رأس مائتين من رجال قريش وقال له أذا رأيت المسلمين أنشغلوا بالغنائم فمل عليهم من الخلف وهكذا كان فعندما تسلل جماعة عبد الله بن جبير لآخذ الغنائم هجم خالد مع جماعته على من تبقى من جماعة عبد الله بن جبير وقتلوهم وأجهزوا على بقية المسلمين حتى شجت جبهة رسول الله “ص” وهو يقاتل ويدفع الكفار عن حياض المسلمين , وصمد مع رسول الله علي بن أبي طالب ونفر قليل وقتل يومها حمزة عم النبي بسهم من وحشي الذي كلفته هند زوج معاوية وقامت بأكل كبد حمزة لحقدها لذلك عرفت بأكلة ألاكباد , وقد أصيب ألامام علي في معركة أحد بثمانين جراحة كما قالت النسوة الاتي قمن بمداواة جراحه .
ث‌-          ثم موقفه المشرف من مزاعم أبي سفيان الذي توعد بعد معركة أحد ليقتلن محمدا ويسبي نساء المسلمين , فما كان من علي بن أبي طالب عليه السلام ألا أن أخذ سرية من المهاجرين وألانصار وهو بتلك الحلة من الجراح التي تدمي جسده الشريف بعد معركة أحد , وتوجه الى منطقة حمراء ألاسد لملاقاة أبي سفيان , فألتقى أبو سفيان بالشاعر ” معد الخزاعي ” فقال له ما وراءك ؟ فقال شعرا:-
كادت تهد من ألاصوات راحلتي
                   أذ سالت ألارض بالجرد البهاليل ؟
فعرف أبوسفيان أن عليا بن أبي طالب على رأس القوم وهو يعرف شجاعة وبطولة وبأس علي الذي لايرد وجهه عن السيف , فرجع هو وجماعته ولم يلاقوا عليا ؟ ولهذا نزلت ألاية القرأنية الكريمة بحق علي كما أجمع الكثير من المفسرين على ذلك : قال تعالى :-
” وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما أستكانوا والله يحب الصابرين – 146- أل عمران –
ومن ألايات التي نزلت بحق ألامام علي عليه السلام وهي كثيرة أحصاها المفسرون في أسباب النزول فكانت بالمئات وقد كتبت أنا كتابا عنوانه ” ألامام علي في القرأن الكريم ” جمعت فيه ” 220 ” أية قرأنية كريمة مباركة نزلت مباشرة في علي عليه السلام ولم أسجل ألايات التي أعتبروها المفسرون بأنها نازلة بشكل غير مباشر بعلي فمثلا بعض المفسرين ذهبوا الى أن كل أية فيها ” يا أيها الذين أمنوا ” يقصد فيها ألامام علي لآنه كان في طليعة المؤمنين , قال تعالى :”
الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون – 274 – البقرة – يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي ألامر منكم فأن تنازعتم في شيئ فردوه الى الله والرسول أن كنتم تؤمنون بالله واليوم ألاخر ذلك خير وأحسن تأويلا – 59- النساء .
أنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون – 55- المائدة – وقد تبث ا، الذي أدى الزكاة وهو راكع هو ألامام علي عليه السلام
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليوم ألاخر وجاهد في سبيل الله لايستون عند الله والله لايهدي القوم الظالمين – 19- التوبة – وهذه من ألايات التي نزلت في علي بن أبي طالب فهو الذي أمن بالله واليوم ألاخر وجاهد في سبيل الله وقد بينا المواطن التي جاهد فيها بسيفه وكل مايملك في سبيل الله حتى قيل أن شعار ” لاسيف ألا ذو الفقار ولا فتى ألا علي قد نادى به جبرئيل يوم بدر ولم يعرف له قائل من الناس .
ج‌-غزوة خيبر : وهو حصن لليهود كانوا قد تحصنوا فيه وهم يشنون الدسائس , ويحرضون على حرب رسول الله , وقد أرسل اليهم رسول الله كتيبتين بقيادة كل من أبو بكر بن قحافة صاحب رسول الله “ص” في الهجرة , وعمر بن الخطاب , ولم يتمكنا من فتح حصن خيبر لليهود حتى حزن المسلمون من ذلك وأصابهم الوجوم , ثم قال رسول الله “ص” : لآعطي الراية غدا لمن يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ؟ وبقي السلمون ليلتهم يحلمون من يكون هذا ؟ وعند الصباح نادى رسول الله على علي بن أبي طالب وقال له : خذ الراية ولا تلتفت ؟ وعندما أمتطى جواده أراد أن يسأل رسول الله الى أي حد يقاتلهم , ولذلك أرجع فرسه الى الخلف ألتزاما بقول رسول الله الذي قال له : خذ الراية ولا تلتفت ؟ فكان عليه السلام مصداقا للآلتزام بطاعة رسول الله في كل شيئ , فقال له رسول الله لما رأه يرجع فرسه الى الخلف : مابك ياعلي ؟ قال يارسول الله الى أي حد أقاتلهم ؟ قال “ص” : حتى يشهدوا أن لاأله ألا ألله وأن محمدا رسول الله ؟
ح‌-معركة الخندق : حيث قتل عمرو بن ود العامري أشهر فرسان العرب , والذي لم يقو أحد على منازلته ألا علي بن أبي طالب , وعندما قتله علي بن أبي طالب قالت أخت عمرو بن ود العامري : لو أن قاتله غير الذي قتله , لبكيت عليه طول دهري ؟
خ‌- مبيته في فراش النبي عند هجرة النبي سرا الى المدينة خشية من كفار قريش الذين قرروا قتل النبي من قبل كل القبائل حتى يضيع دمه بينهم , فأمر رسول الله “ص” عليا أن ينام في تلك الليلة في فراش النبي تمويها حتى يظلوا ينتظروا الصباح ليهجموا على رسول الله , ولما وجدوا عليا في فراشه أسقط بأيديهم  وأستطاع رسول الله “ص” الخروج من مكة , وهذه من المواقف الفريدة التي تميز بها علي بن أبي طالب في الدفاع عن رسول الله “ص” فهو الفدائي ألاول لرسول الله “ص” بلغة اليوم .
2-  الدفاع بالفقه والفكر والبيان : وهو الجهاد باللسان , فقد كان ألامام علي عليه السلام أفقه أصحاب رسول الله “ص” حيث قال عنه رسول الله “ص” ” علي أقضاكم ” وكان عمر بن الخطاب يقول : لا أبقاني الله لمسألة ليس لها أبو الحسن ” وبوجوده قال أبو بكر عندما ولي الخلافة : لقد وليت عليكم ولست بخيركم ” وكان يقصد ألامام علي عليه السلام فهو ألافقه وألاعلم وألاكثر حضورا في معارك ألاسلام وفي ميادين المناظرة والفتوى
3-  وللامام مواقف علمية فهو من قام بالتجارب العلمية التالية قبل عصر العلوم وألاكتشافات التي ظهرت في أوربا ومن تلك التجارب :-
أ‌-     تجارب الكيمياء الحياتية : حيث أدعت أمرأة على أحدهم ووضعت زلال البض على ثوبها , وعندما تقدمت بالشكوى الى ألامام علي أمر أن يسكب الماء المغلي على الثوب وقال لهم أن جمد الزلال فقد بطلت دعواها وأن لم يجمد ننظرر في ألامر ولما جمد الزلال عرف أنه بياض البيض وليس المادة المنوية للرجل التي لاتجمد بالماء المغلي
ب‌- تجارب التحليل النفسي : في الحادثة التي وقعت بين أمرأتين على طفل كل تدعي بأنه أبنها ؟ ولما أمر ألامام بأن يقطع رأس الطفل في محاولة لآكتشاف من الصادقة في أمومتها , سقطت ألام الحقيقة على الطفل قائلة أقتلني قبله فعرف أنها أمه الحقيقية ؟
ت‌- تجارب الفيزياء فيما يعرف اليوم بقاعدة أرخميس التي تقول وزن الماء المزاح يساوي وزن الجسم الغاطس , وألامام قام بهذه التجربة قبل معرفتها من قبل الناس وذلك عندما نذرت أمرأة وزنا من التمر يعادل وزن الفيل فأحتارزا بتنفيذ نذرها وعندما سألوا ألامام علي عليه السلام قال لهم : ضعوا سفينة في الماء وضعوا فيها فيلا ثم أخرجوا الفيل وأملؤها تمرا حتى يصل الماء الى ما وصل اليه عندما كان الفيل في السفين فذلك هو وزن الفيل ؟
ثم أن ألامام هو أول من وضع ألابجدية وتنقيط الحروف وأعراب الكلمة وعلم ذلك لآبي ألاسود الدوئلي ؟
هذا هو ألامام علي بن أبي طالب , وهذه هي شخصيته الموشاة بالعلم والفطنة والشجاعة والكرم مع وجود النصوص التي تثبت أمامته وعصمته التي تدل عليها حياته وسلوكه , فهل لنا أن نتمثل حياة هذا ألامام لنعالج من خلالها أخفاقاتنا في السياسة وألاجتماع وهو من قال : أهل البيت هم عيش العلم وموت الجهل ؟

رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات