24 نوفمبر، 2024 10:31 م
Search
Close this search box.

تفعيل القيم النبيلة لدى الانسان العراقي

تفعيل القيم النبيلة لدى الانسان العراقي

ما اجمل ان يكون الانسان متسامحا فالتسامح صفة محببة تدعو اليها الاديان السماوية مثلما هو قيمة اجتماعية تلتزم بها المجتمعات وخاصة مجتمعنا العربي الذي وضع بافطرة اسس بناء المجتمع السليم ففرق بين الحلال والحرام أو الصحيح والخطأ والجيد والسيء وهذه الاسس حددتها الثقافة القائمة مثل التسامح والحق والعدل والامانة والتعاون والإيثار وهي أداة اجتماعية للحفاظ على النظام الاجتماعي والاستقرار بالمجتمع ..ومن الامور المتعارف عليها ان فقدان القيم الاجتماعة تقف وراء بروز الممارسات المتخلفة ومنها تفشي ممارسة عمليات السرقة والاعتداء على المواطنين وابتزازهم والحط من كرامتهم مثلما هو حاصل اليوم .. ورغم ان عملية غرس وتفعيل القيم الاجتماعية النبيلة يتم في الغالب داخل العائلة الا ان تفعيل القيم النبيلة لايتم دون مساعدة رجال الدين وما تقدمه الدولة من نصح وارشاد في مؤسساتها الحكومية ومنها المؤسسات التربوية اضافة الى دور السلطات في بسط سيطرتها لتطبيق اللوائح القانونية بجدية وصرامة لردع العناصر المسيئة .. سابقا وخلال العقود التي سبقت عقد الستينيات من القرن الماضي وبسبب ضعف اجهزة الدولة الامنية برزت شخصيات هي في كل الاحول لاتشبه الشخصيات التي برزت حاليا فرضت سطوتها على احياء من بغداد بسبب ضعف الدولة كان اغلبهم يمثلون مراكز قوى في المناطق الشعبية من بغداد .. شخصيات بسطت سطوتها وسيطرتها على مناطق مازالت اطلالها ماثلة للعيان تمثل الطيبة العراقية والاصالة والنخوة في مساعدة الضعيف ظهروا في مناطق شعبية بدأت اليوم تنحسر وتتشكل على انقاضها معامل للخردة .. شخصيات عرفت بقوتها وجبروتها وقسوتها وصلابتها في مقارعة الباطل ونصرة الضعيف .. شخصيات اثرت على نفسها الدفاع عن ابناء المنطقة في معارك مع الخصوم بصولات مازال العديد من سكان بغداد الاصلاء من كبار السن يتذكرونها كان اغلبهم نصيرا للفقراء ومدافعا عن الضعفاء هذه الشخصيات سميت بالشقاوات .. ومن صفات الشقي الشجاعة مصحوبة بحمل السلاح وكان السلاح الطاغي والذي يحمله الشقاوات هو الخنجر والسكين والقامة ثم تطور الى المسدس رغم كونه غالي الثمن.. والشقاوة لايستعل شقاوته على جيرانه او ابناء محلته مثلما هو حاصل حاليا من تجبر القوي على الضعيف او الاعتداء على المواطنيين لغرض ابتزازهم .. كان من يحمل صفة الشقاوة خلال العقود الماضية يدخل في معارك خطيرة دفاعا عن ابناء محلته خصوصا اذا كان العدو من منطقة جغرافية اخرى .. كما ان الشقاوة غالبا لايرتكب السرقة لانه يصبح حرامي وهي صفة مذمومة وغالبا ما يلتزم بالقيم الاجتماعية .. ومن الروايات التي تذكر حول المروءة التي يتصف بها الاشقياء ان الشقي احمد قرداش وهو من شقاوات بغداد وفي يوم من ايام الصيف الحار سطا وجماعته على دار احد التجار اليهود وكان الوقت ليلا والتاجر اليهودي ينام وزوجته على سطح الدار فصعد احمد قرداش الى سطح الدار فوجد بالقرب من سرير نوم اليهودي سلة خوص تغطي قدرين صغيرين فيهما رز وبامية مطبوخة فاشتهى ان يأكل حتى شبع من ذلك الطعام ثم شرب الماء من الكوز ” التنكة ” الموضوعة على سياج السطح بعدها نزل مسرعا الى جماعته فوجدهم يجمعون المواد والاشياء التي يريدون اخذها فامرهم بترك كل شيء وارجاعه الى مكانه وقال لهم ” انني اكلت من هذا الدار وصار بيننا زاد وملح وهذا في شريعتنا وعرفنا حرام علينا ان نمد يدنا على أي شيء يعود لهذا الدار لاننا صحيح شقاوات ولانهاب احدا الا اننا لاننسى مخافة الله اولا ثم الاصول والعادات النبيلة التي تربينا عليها واذا خالف احد منكم امري فانني سوف اقتله بهذا الخنجر ” فاطاع جماعته امره وتركوا الاشياء والمواد وخرجوا من الدار … بهذه الروحية والقيم النبيلة يتعامل سكان بغداد ابان العقود الماضية مع بعضهم فما احرانا اليوم ان نكون ملتزمين بهذه القيم النبيلة التي تعزز تماسكنا لمواجهة المخاطر الداخلية والخارجية التي تستهدف محو هويتنا العربية والاسلامية وفرض ارادات اقل مايقال عنها انها ارادات غاشمة تضمر الشر وتسعى الى محو وجودنا كأمة اغنت حضارتها العالم بالعلم والمعرفة .. حضارة كان لها عنوان ومكان وزمان .

أحدث المقالات

أحدث المقالات