في صفر + صفر = صفر للمخرج طلعت السماوي
على قاعة المركز الثقافي الفرنسي في بغداد ، قدمت مسرحية ” صفر + صفر = صفر ، للمخرج العراقي المغترب ” طلعت السماوي ” ومجموعة من الوجوه الفنية الشابة الذين جسدوا الرؤيا البصرية لهذا العمل الرائع الذي أشتغل عليه الراقص والفنان ” السماوي ” وهذه المجموعة هي نواة لرفد هذا الفن الجميل الذي يقول عنه الدكتور المخرج والناقد ” محمد حسين حبيب ” في العراق … في بلد الحضارة والثقافة والشرائع الأول ، بلد أصناف التحولات القديمة والمعاصرة .. بلد الأطياف والمذاهب والانتماءات … نحتفل بالرقص لأنها لغة الجميع لغة الإنسان مثلما هي لغة الحيوان احيانا ويبدو أن وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح لم تنتبها الى هذه المجموعة ولم تسهم في دعم مثل هذه الأعمال كما مبين في البروشور الذي يقول فيه مستشار التعاون والنشاط الثقافي ” جان ميشيل لو دان ” يقدم المعهد الفرنسي دعمه الكلي للعرضين ” وجوه القمر ” و ” صفر + صفر = صفر ، وكلاهما للسماوي ومؤسسة اكيتو ، وكما هو معروف في الساحة العراقية وخاصة من المتشددين الذين تبوؤا مناصب في الحكومة الحالية بكرههم للفن والفنون ، وهم يعكرون صفو الفنان ومزاجه فما بالك بالرقص والذي يقال عنه هو احد الفنون الحية المعاصرة وهو يضاهي المسرح ، السينما والفنون التشكيلية وهو الأكثر انتشارا في العالم ، لا يعترف بالحدود بنفس الأسلوب الذي تعترف بها الفنون الأخرى ، حتى أننا نجد انماطا ً معينة تحاول الحد من اطاره ، حركة الحياة ، الفن الخاص وحاجته للتدفق ، تقوم هذه الاشياء بالسيطرة بسرعة كبيرة ، مما يسمح لانماط معينة من ان تختلط مع الاخريات ، كل شيء يندمج في كل شيء ، بطبيعة الحال ، والرقص لا يستقر الا في الفضاء الذي ينتمي اليه ، الحاضر المتغير باستمرار ، فجاء العرض بمثابة ” لعبة جسدية لعبها راقصون تحت القرص الدائري الأبيض أو ” أو قرص الاضاءة الفيضي ” الذي عمد المخرج أن يجعله نقطة التصادم والتناحر والتسابق في عالمنا الذي تسيطر عليه دوامة الخوف من المجهول الذي يلاحق أبناء البشر ، لاعتقادي بأن إحساس ” السماوي ” العميق بالتوتر دائما ً جعله يكشف لنا ” أزمة الكرسي ” والوصول الى سدة الحكم بشتى الطرق ، مما ترك لنا هذا الفراغ الدائري وجعل من هذه الاجساد تتصارع وهي تنحت بكل قوتها سيطرتها على هرم الدولة وكأنها في فراغ مرعب ثقيل وتحتاج هذه الأجساد الراقصة المتخمة بالموت والدمار والتسابق لقوة الوزن المؤثر كي تفعل ذلك ، فجاء قلق الانتظار والخوف من المجهول الذي يطاردنا ونحن نستل التواصل من جراء بعضنا البعض والعالم ، والسماوي لم يتعامل مع تلك الأجساد كأنها دمى مستخدمة بل على العكس فهو أظهر لنا القدرات الجسدية وكأنها قادرة على حل جميع إشكالياتنا التي نمر بها عبر الربط المراوغ بين الظاهر والخفي الذي يشبه الحلم في اختلاس النظر إلى عالم خالص متناهي الأطراف ، وهذه الاجساد التي تنقلنا من مكان الى مكان اخر تؤلف قطعة موصولة تنساب بشكل متناغم نحو جوهر موضوعها الذي اراده المخرج المتجدد للسيطرة من خلال البناء المنتظم الذي اجاز لهم بأن تكون أجسادهم اكثر صراحة وقوة ووضوحا على خشبة المسرح الذي قدم عليه هذا العرض ، وعندما سألته عن هؤلاء الراقصين قال هم مجموعة وجدتهم صدفة وتعاملت معهم وهم بحاجة الى المزيد من التمارين والدعم المادي والمعنوي ، ولأنني مغترب كما هو مغترب ولكي نكون كما أردنا أن نكون من أجل التواصل مع ذواتنا التي لم تذبل يوما ً من جراء الحرمان والتسويف الذي رسموه بعلامات طباشيرية لم تكن سهلة الفهم الأ من يتخذ من الجمال الكامن في ذاته هو انه المقام الاول ، سؤال يرسلنا الى طرح اسئلة اخرى تجعلنا في حيرة ما بين القلق والتأمل ، إن جدلية البحث ما بين الذات والذات ، والاخر هي المفتاح السري لتطور البشرية بالرغم من تعدد العناوين حول مفهوم التعدد الثقافي وما بعد التعدد الثقافي لكي تتسع للجميع بقعة الضوء الإنسانية التي يحجبونها عنا وعن الاخرين ضمن مفهومين مترافقين ومتكاملين وهما ماهية التكوين في المشروع الثقافي والتفاعل في العملية الابداعية .