حتى الحلقة الحادية عشر من مسلسل “عمر ابن الخطاب” الذي تعرضه قناة “ام بي سي” وفضائيات اخرى فان البطل الحقيقي للمسلسل ـ حتى الان ـ هو ابو الحكم ابن هشام او “ابو جهل” مثلما كناه النبي محمد”ص” وليس الفاروق عمر “رض”. وما اقصده هنا هو التجسيد الدرامي لكلتا الشخصيتين في المسلسل. فشخصية الخليفة عمر جسدها ممثل جديد حرص القائمون على انتاج المسلسل ان يظهروه لنا فتى جميلا يصلح لادوار اخرى وليس لشخصية تاريخية بحجم شخصية عمر وما لعبته ولاتزال تلعبه من ادوار في تاريخنا الاسلامي حتى على صعيد ما هو اشكالي فيه منذ 15 قرنا. اما شخصية “ابو جهل” فقد جسدها الفنان العراقي القدير جواد الشكرجي الذي دافع عن قضيته الخاسرة بشراسة حتى الرمق الاخير حين قتله من وصفه ابو جهل وهو يشهر سيفه عليه بـ “رويعي الغنم”. ومع ان عم النبي ابو لهب لم يكن يقل عداوة للاسلام من ابي جهل ولكن الرجل جسد شخصيته ممثل لم يعطه حقه دراميا وتعبيريا. الجديد في هذا المسلسل هو انه جسد لنا ولاول مرة شخصيات كبار الصحابة ممن كان يحرم تجسيدهم وفي مقدمتهم العشرة المبشرون بالجنة وفي مقدمة هؤلاء علي بن ابي طالب “ع” وعمر بن الخطاب وابوبكر الصديق وعثمان بن عفان . بينما شبع المشاهدون وطوال عشرات العقود من تاريخ الدراما العربية من مشاهدة كبار مشركي قريش من امثال ابو جهل وابو لهب وابو سفيان وكل من ناصب الدعوة المحمدية العداء. حتى فيلم “الرسالة” الذي خرجت من تحت معطفه كل الافلام والمسلسلات التي تلته من حيث الرؤية الى تاريخنا الاسلامي بمن في ذلك مسلسل عمر الذي لم يتخلص من الكثير من ظلال “الرسالة” لمصطفى العقاد. لكن عبقرية العقاد اختزلت في شخصية حمزة ابن عبد المطلب التي جسدها عبد الله غيث بينما جسدها في النسخة الانكليزية الممثل العالمي انطوني كوين كل ما يمكن ان يعوض النقص الواضح في تحريم تجسيد الصحابة. اما الان وقد بتنا نشاهد علي ابن ابي طالب وهو يمتشق سيف ذو الفقار اوعمر بن الخطاب وهو يواجه طغاة قريش وفي مقدمتهم خاله ابا جهل فان الصورة النمطية التي نحملها عن شخصيتي عمر وعلي لاتنسجم مع شكل الفنانيين الشابين الجديديين اللذين جسداهما ولا مع طبيعة ما لعباه من ادوار.. شخصيا احببت “ابو جهل” ـ في المسلسل طبعا ـ من خلال القدرة التعبيرية العالية لجواد الشكرجي وتساءلت مع نفسي وانا اشاهد شخصية من جسد شخصية الامام علي بن ابي طالب .. كيف يمكن لهذا الشاب الوسيم والنحيف معا مثلما ظهر في المسلسل ان .. يدحو باب خيبر؟
[email protected]