احدى واربعون ليلة بالتمام والكمال واخوة لنا من بني جلدتنا جلهم من النساء والاطفال وعددهم خمس وخمسون لاجئا سوريا فروا من جحيم الحرب المستعرة نافذين بجلدهم وميممي وجههم الى المغرب العربي التي يقطن فيه الكثير من اقاربهم الفارين قبلهم منذ فترة.. وقد حطوا رحالهم قبلها في الجزائر على امل ان تفتح لهم الابواب مشرعة عند محطتهم الثانية المغرب العربي لانهم وحسب ما عالق في مخيلتهم واذهانهم ان القومية والنخوة العربية ما زالت تعيش في ازهى ايامها وعنفوانها!!
فحطت اقدامهم عند ابواب المغرب الدولة العربية المسلمة وهي كباقي دولنا العربية يعلم حكامها حق اليقين ان الشعب العربي السوري شعب مظلوم فرضت عليه هذه الحرب الاجرامية وهم لايمثلوا اي طرف متنازع فيها بل هم وقود مستعر لها..
لكنهم فوجئوا بغلق الحدود في وجهوهم بحجة عدم حصولهم على تأشيرات دخول وبقوا في ارض التيه عالقين بين السماء والارض ومالم يكن في حسبانهم بعد ان غادروا الجزائر برغبتهم وليس كما يروج البعض انهم ابعدوا عنها عنوة ماذا تخفي لهم الاقدار!!
فما كان منهم الا ان حطوا رحالهم على بعد 500 متر من مدينة (الفكيك المغربية) مرغمين لا مغرمين في منطقة صحراوية قاحلة جرداء على امل ان ترق القلوب لحالهم ولم يدر في خلدهم ابدا انهم سيمكثون فيها ليالي واياما قانطين ..
من هنا بدأت المشكلة وتعاظمت واخذ البلدان الشقيقان تبادل الاتهامات بشأن المتسبب لهذه الازمة الانسانية وتم استدعاء السفراء للابلاغ رسمياوالاحتجاج بتخليهم عن المسؤولية وليلقي كل
طرف اللوم على الاخر!!!
مما اصاب المحيط العربي و المراقبين بالحيرة والذهول لامر لا يستوجب كل هذه الزوبعة والخلاف لاستضافة خمسين لاجئا !!
والغريب في الامر ان التراشق السياسي دام بين الشقيقتين اربعون يوما متناسين ان هنالك بشرا من بني جلدتهم تقطعت بهم السبل وطرقوا ابوابهم منكسرين وقد اشرفوا على الهلاك من دون ان تكلف تلك الدول ولا حتى منظماتها الانسانية بتوفير الرعاية الكريمة لهم لحين فض الخلاف السياسي الازلي فيما بينهم الذي انعكس بضلاله عليهم !!
ومما يندى له الجبين ان منظمات الاغاثة والهلال والصليب الاحمر لم تقم بدورها الانساني بعيدا عن التجاذبات السياسية وتركوا تلك العوائل يقاسوا أسواء الظروف العاتية في خيم بدائية مهلهلة خصوصا ان بمعيتهم اطفالا رضعا وكبار السن ولولا ان سخر الله لهم بعض الناشطين واهالي المنطقة المتطوعين بتزويدهم بالاغذية والاغطية والماء لكانوا اليوم في عداد الموتى .
والله لو حدثت هذه الحالة المأسوية على الحدود مع الكيان الصهيوني او ايران لوجدنا لها الف مبرر ولما استطاع احد ان يوجه اللوم لنتنياهو ولا حتى لروحاني لان العداء العقائدي بيننا و الوجودي متجذر وليس بمستغرب ان يتعاملوا مع اعدائهم بهذه القسوة والجفاء وأكاد أجزم انهم لن يماطلوا أو يتأخروا في نجدتهم!!! أما ان يحدث ذلك في ارجاء وطننا العربي وتوصد الابواب بوجه اولئك المساكين الذين تقطعت بهم السبل والذين كانت في يوم ما بلادهم (التي مزقها الطاغية بشار وشبيحته وحزبه الفاشي برعونته) وبيوتهم وضياعهم وشوارعهم وبساتينهم ومصايفهم ومشافيهم مشرعة للعربي وخيامهم لا تنقطع منها الضيافة والدلال ولا تنطفئ بقربها النيران!! فذلك والله قمة الجحود و نكران الجميل والانسلاخ من العروبة والدين!!
لكنه بعد ان توسطت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لدى الحكومة الجزائرية قررت الجزائر ولمناسبة شهر رمضان !!!
استقبال هولاء المساكين لتطوى صفحة من صفحات المعاناة التي لا تكاد ان تنتهي للشعب السوري الجريح الذي لم يبقى في جسده بقعة الا ويسيل منها الدماء الزكية…
قد يعترض البعض ربما ويتحجج ان دخولهم كان غير شرعيا لهذه الدولة العربية او تلك وهذه حجة لعمرك واهية وليعلم من يتحجج بذلك ان اغلب اللاجئين السوريين أوالعراقيين الذين توجهوا للغرب فارين من جحيم الحروب والارهاب دخلوا الى تلك البلدان بشكل غير شرعي واسألوا اصحاب القوارب التي تنشط ليلا وتبحر لنقل الآلاف عبر البحار والمضائق الى الضفة الثانية من السواحل المطلة على بلدان اوربا هل كانت معهم تأشيرات دخول او اوراقا ثبوتية ام انهم مزقوها ورموها في عرض البحر ؟؟
واسألوا اولئك اللاجئين الذين حطوا في اوربا كيف تم احتوائهم واستقبالهم ومعاملتهم ودمجهم في المجتمع وقد ضربت المانيا ومستشارتها السيدة ( أنغيلا ميركل) اروع درجات الرقي والانسانية التي فاق فيها عدد اللاجئين المليون لاجئ كيف احتوتهم ووفرت لهم الحياة الكريمة وتسعى لدمجهم في المجتمع مع الحرص على الحفاظ على انسانيتهم وكرامتهم !!
اعجزت اي دولة عربية او اسلامية ان تضرب لنا مثلا كما تميزت به المانيا ومستشارتها ؟؟
فان ضاقت اكبر دولتين عربيتين مساحة من ان تتسع لخمسين لاجئا سوريا وتحفظ لهم انسانيتم وكرامتهم فلنكبر اربعا على الامة والسلام…!!