كعادتها، أعلنت عصابات داعش الإرهابية عن مايسمى غزوة رمضان مستهدفة جميع الشيعة (الروافض )والسنة المخالفين لها ( المرتدين) والكفار المسيحي والصابئة، كل ماتقوم به داعش من جرائم ومن عمليات ارهابية اصلها موجود في الكتب الدينية وفي قمم مأذن الجوامع واذا كان شبابنا قد وصلوا الى سوح النصر في الموصل فان المعركة الفكرية مع داعش طويلة الامد وتحتاج الى صبر وتحدي وتجنب منابع الانكسار الداخلي في الشخصية العراقية.
المهم في المعركة الفكرية مع داعش هو تفنيد النظريات العقائدية التي تؤسس عليه داعش ايدلوجياتها ومشاريعها الدموية التي تلغي الاخر المختلف والمخالف معها والانطلاق بقوة لبناء الانسان بعيدا عن العنف ومسبباته وجذوره ومنابعه .
يتعامل المحللون والمتابعون والإعلاميون والناشطون على الفيسبوك ويرافقهم بذلك الحكومة والقوى السياسية مع داعش بمزاج انفعالي وأسلوب رد الفعل فهم بعد كل انفجار ينفعلون ويخزنون ويسبون ويدعون ليوم او يومين وينسون بعدها كل شيء بينما داعش تخطط لعملية ثانية وهدف اخر ودم اخر.
بعد كل انفجار داعشي يبرز بشكل ملفت للنظر مجموعة تبرر الانفجارات ومجموعة تلوم القوات الأمنية ومجموعة تمدح الحكومة في إرجاء الليل وبقاع النهارومجموع منكسرة داخليا لاتملك سوى الدعاء.
على العموم ماتزال قيادة عمليات بغداد بدائية وتذكرنا بالخطط الأمنية في العصور ماقبل الاسلام في التعامل مع هذه المجاميع الإرهابية المتوحشة وهي تظن ان الحل في مكافحة داعش يتمثل بتحويل بغداد الى ثكنة عسكرية مكتظة بنقاط التفتيش المملة ومعها الاسئلة التقليدية (وين رايح ومنين جاي).
مع هذا، ان الذي يلفت النظر بعد اي انفجار ان الناشطين في الفيسبوك يتحدثون عن القوى الأمنية على الرغم من تقصيرها بينما يقل الحديث عن العدو الداعشي الذي يريد ان يزرع السواد والخوف والخراب والدمار والحزن والتشاؤم والانكسار والهزيمة في نفوس العراقيين.
تحتاج الحكومة الى ان تحرر نفسها من الجيثوم التقليدي في إدارة الملف الامني عبر تشكيل مراكز بحثية تفكك ظاهرة العنف وتشخص المناطق التي ينتشر في التجنيد الطوعي لعصابات داعش الإرهابية يجانب ذلك تسريع الإجراءات القضائية لمحاكمة عادلة لكل من انتمى لداعش وتورط بانتهاك الدم العراقي.
الحكومات المتعاقبة ومن ضمنها حكومة العبادي لم تحدث خططها في مواجهة داعش فكريا وأمنيا وهي تعتمد اُسلوب التبريد بعد كل حادثة اجرامية تنفذها داعش تستهدف فيه المواطنين العزل لأسباب طائفية.
الحل ببساطة يتلخص بإلغاء عمليات بغداد وتأسيس أمن بغداد وهو جهاز امني مدرب على تتبع داعش من الجذر، وجود العسكر في بغداد بلا جدوى ولاقيمة ولاطعم ولا أهمية، الحل الممكن والسهل انيتحول العسكر الى باعة سكائر والى رجال دين ومعلمين واصحاب محال تجارية واصحاب مهن حرة وشيوخ عشائر وتكون المرحلة المقبلة مرحلة حرب المعلومات الدقيقة البعيدة عن فكرة المخبر السري سيّء الصيت آلذي تحول الى ملف انتقامي في اخر أيامه.
لابد ان يكون جهاز أمن بغداد، جهاز متقدم في تفكيك البنية التحتية البشرية لداعش ، واقع الحال والتجربة يقولان الحل الامني ليس بفوهة البنادق ولا بنقاط التفتيش الحل يتلخص بأمن قوي وقضاء قوي ومراكز بحوث لتفكيك العنف العقائدي في بعض المناطق وإلا فان مواكب الموت ستستمر ومواكب الجثث لن تنقطع الى وادي السلام التي التشبع ولاتمل!