ألقت الأزمة السورية بظلالها على المنطقة العربية والإقليمية والدولية،وفي مقدمتها العراق وتركيا ،فأصبحا ساحة حرب حقيقية لإطراف النزاع الداخلي السوري،فالعراق له موقف ملتبس ومتقلب وانتهازي ايضا تمثل في أكثر من تصريح حكومي يؤكد هذا النفاق السياسي المكشوف ،فتصريح رئيس الوزراء يعاكس تصريح الناطق باسم حكومته تماما فالمالكي يرفض تغيير النظام السوري وإخضاعه تحت البند السابع ويسمي ثورة الشعب السوري ضد النظام بالإرهابيين والمسلحين والعصابات التي تقف ورائها السعودية وقطر ،في حين يطالب علي الدباغ الناطق الرسمي باسم الحكومة (بتغيير جذري للنظام وتطبيق سيناريو اليمن في تداول السلطة)،أما وزير الخارجية هوشيار زيباري فله رأي يساند ثورة الشعب السوري وتطبيق السيناريو الليبي أي التدخل الأجنبي في سوريا كما حصل في ليبيا،وهكذا الكتل السياسية والأحزاب المشاركة في الحكومة بين مؤيد ورافض للنظام السوري، هذه المواقف المتباينة انعكست على الوضع الأمني والسياسي وزادت من تعقيداته أكثر مما هو متفجر ومعقد أصلا،حيث تفجر نزاع بين الإقليم وحكومة المالكي تمثل في امتناع حكومة الإقليم بزعامة مسعود بارزاني دخول الجيش العراقي الى مناطق حدودية مع سورية تسميها الأحزاب الكردية(مناطق متنازع عليها) ،لضبط الحدود من تسلل المسلحين وعناصر القاعدة حسب زعم حكومة المالكي ،خاصة بعد رفضها دخول العوائل النازحة والهاربة من جحيم الصراع الداخلي السوري الى العراق ، ثم تراجعت عن قرارها اثر إصرار العشائر العراقية على رفض هذا القرار واستقبال العوائل السورية كضيوف وليس لاجئين،المهم رفض الإقليم دخول الجيش العراق الى تلك المناطق الحدودية انذر وينذر بعواقب وخيمة جدا قد تؤدي إلى مواجهات عسكرية بين البيشمركة والجيش العراقي، بعد إصرار المالكي على تحريك ألوية عديدة الى الحدود وما زال الوضع المتوتر جدا قائما ويشي بالانفجار في أية لحظة بين الطرفين ،وزاد من هذا التوتر إعلان وتهديد برزاني بإجراء استفتاء لتقرير مصير الشعب الكردي،قابلها تصريحات شديدة القسوة من ائتلاف دولة القانون على الموقف الكردي تجاه الحكومة والجيش،فقال النائب سعد المطلبي في هجومه على مسعود البرزاني (إن حكومة الإقليم تسعى الى إحداث فتنة بين الجيش والبشمركة وان مسعود بارزاني يهدف الى مد النزاع العسكري داخل الحدود السورية لتأسيس دولة كردية)، ويعد ها أقوى هجوم على الإقليم ورئيسه من قبل دولة القانون،في وقت يزور فيه رئيس المجلس الوطني السوري المعارض الى إقليم كردستان للقاء مع مسعود بارزاني والاجتماع مع كبار القادة الأكراد في كل من سورية والعراق لتوحيد وتنسيق المواقف الكردية السورية –العراقية للعمل المشترك ما بعد رحيل نظام بشار الأسد وإعلان الدولة الكردية، إذن مخاوف حكومة المالكي من هذه التحركات المريبة تدخل في صميم المخاوف العراقية من تقسيم العراق ،لاسيما وان كردستان تهيئ لهذا بشكل علني ومدروس ودعم أمريكي واضح،الأمر الذي تخوف منه الجانب التركي فأرسل اردوغان وزير خارجيته الى مسعود برزاني يحذره من قبول إنشاء دولة كردية على الجانب السوري(الإقليم يدرب أكثر من 600 مقاتل سوري للمشاركة في إسقاط بشار الأسد )،إذا إصرار المالكي وحكومته على ضبط الحدود العراقية –السورية له ما يبرره وإرسال قوات الجيش العراقي له ايضا ما يبرره (تصريح علي الموسوي مستشار المالكي يقول إن قوات الجيش العراقي لن تتراجع عن تحقيق هدفها والوصول الى الحدود والانتشار على طولها بشكل كامل وسيادي)وهو أمر دستوري لان حماية الحدود من صلاحية الحكومة المركزية وليس الإقليم ،فلماذا يصر بارزاني وحكومته على منع الجيش من الوصول الى الحدود ،اا لم تكن له أهداف انفصالية وإرباك الوضع الأمني العراقي وإشعال فتنة كبرى في البلاد تصل حد المواجهة العسكرية بين الجيش والبشمركة ،مما ينذر بحرب قومية بين العرب والكرد/وهذا ما لا يتمناه أي عراقي حريص على وحدة العراق وسيادته وأمنه الوطني،فاللعب بالنار من قبل الأحزاب الكردية وتهديدها بالانفصال أمر يضر بالجميع ولا يسلم من نتائجه الكارثية احد ، خاصة ونحن نشهد سيناريو أمريكي –صهيوني شبيه بالسيناريو الليبي على سورية، مما يدخل المنطقة كلها في حرب عالمية أخرى لا تبقي ولا تذر يكون الخاسر الأوحد فيها الشعب العربي في العراق وسورية،وتصريح وزير الدفاع الأمريكي بانيتا يؤكد هذا الاتجاه (إن نظام بشار الأسد دق في نعشه المسمار الأخير بهجومه على حلب)، أما الجانب التركي فهو يتحرك في عدة اتجاهات تفاديا لوصول النار الى تركيا ،خاصة بعد تسليم نظام بشار الأسد بعض المدن السورية المحاذية لتركيا مسؤولية حمايتها والدفاع عنها، مما اعتبرتها تركيا تهديدا لأمنها القومي ،فقامت بتحشيد قواتها العسكرية ونصب الصواريخ المضادة للطائرات على طول حدودها مع سوريا،إذا ماعلمنا أن الوضع الأمني السوري يزداد شراسة وانهيارا ومعارك دموية في شوارع المدن السورية كافة ،مستخدمة قوات الأسد الدبابات والمدفعية والصواريخ في مواجهة ثورة الشعب السوري ،إن انعكاسات الأزمة السورية وتداعياتها على العراق وتركيا وخيمة جدا وعلى الجميع إدراك هذه الحقيقة وتجنب ما ستخلفه آثارها المدمرة على المنطقة برمتها …فهل نشهد معجزة تجنب الجميع هذه الكارثة..؟؟؟اشك في ذلك ……