17 نوفمبر، 2024 5:24 م
Search
Close this search box.

تعرف على الفرق بين النظافة الظاهرية والباطنية كلاهما خير ولكن؟!

تعرف على الفرق بين النظافة الظاهرية والباطنية كلاهما خير ولكن؟!

اهتم الاسلام بطهارة الروح قبل طهارة الجسم، وذلك بأن يتحلى الانسان بمكارم الأخلاق الفاضلة من بشاشة وجه وحسن ظن وصدق وأمانة والتزام بالواجبات وترك المحرمات واجتناب الشبهات لما لها من الأثر الواضح في سعادته الدنيوية والأخروية، فطاهر الروح يكون الناس منه في راحة على أموالهم وأنفسهم ومعاشاتهم وكل تفاصيل حياتهم، على العكس منه خبيث الروح فالناس منه على حذر ونكد وتذمر وربما خوف ووجل لا سيما إذا كانت بيده أزمة الناس من حكام الجور والظالمين، أولئك الذين تلوثوا بالقذارات الروحية من حقد وحسد وظلم وتجبر وطغيان وجشع ما يجعلهم يفتكون بالذين من حولهم لا فرق في ذلك أقرباء لهم أم بعداء، فالظلم اذا ما انتشر يعم الجميع، اعاذنا الله تعالى واياكم منه ومن تداعياته الخطيرة.
ولإرساء معاني المحبة والألفة والتناصح بين الأفراد والشعوب والأمم فإن الإسلام أكد على ضرورة التحلي بطهارة ونظافة الروح، وإنها بطبيعة الحال تؤدي إلى طهارة ونظافة الجسد، فإن الروح الطاهرة والنظيفة تحمل بين ثناياها جسد طاهر ونظيف، وهذه الثنائية المتلازمة لا تنفك من الإنسان المؤمن مهما كانت الظروف التي تحيط به عاتية، وتبقى متلازمة إلى أن يتوفاه الله تعالى، وهي التي تجلب الخير كله، وهي التي تؤدي حقوق الله تعالى من عبادات ونوافل، وحقوق البشر من تواصل وتراحم على أفضل وجه، ولا غرابة حينما نجد اهتمام الإنسان المسلم بجسده وملابسه وكل ما يتعلق بسكنه وعمله ووسيلة انتقاله وغير ذلك من ناحية الطهارة والجمال واللياقة والنظام والنقاء والصفاء، فالله تعالى نظيف يحب النظافة.
قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ). (الأعراف، 31).
وقال رسول الله (ص): إن الله طيب يحب الطيب، وقال أيضا: هلك المتقذّرون. (كنز العمال ج3 ص 455).
ولأهمية موضوع الطهارة فإنها البوابة الرئيسية في كتب العلماء الفقهية يستفتحون بها الكتب المبسطة والمعمقة، ان تكون طاهر الروح والبدن هو الهدف السامي الذي يرنو اليه الدين الاسلامي الحنيف، ان تتطهر حينما يداهمك الحدث الأكبر بالغسل وتتطهر حينما يداهمك الحدث الأصغر بالوضوء، تتطهر قبل الولوج في أية عبادة أو معاملة، كل هذا يضفي على الانسان المؤمن هالة التهيؤ النفسي والجسدي للدخول الى ساحة قدسه تعالى مطمأن القلب والضمير، وهي مسألة طبيعية حينما تريد الوفود على الطهر الطاهر المطهر لابد لك من الطهارة البدنية والروحية حتى تكون ثمة سنخية ولو بنسب متفاوتة حسبما يقتضيه الحال والمآل.
التأكيد على نظافة البدن والملابس والمسكن والمنطقة والبلدة يصب في ان الاسلام نظيف يحب النظافة ويؤكد على التزامها في كل مناحي الحياة، أين الذي تتلقاه وهو يفوح منه أريج الورد والريحان من الذي تتلقاه وهو عبارة عن مستنقع قذر تفوح منه الروائح الكريهة المنتنة؟! فالإنسان الصالح كالنحلة يوكر على الطيب وهو الرحيق ويعطي الطيب وهو العسل واذا وقف على غصن شجرة لا يكسره، أما القذر فانه كالذبابة توكر على القاذورات ولا يرتجى منها غير الأمراض والأسقام والشؤم واللؤم والتقزز، فالذي يأخذ زينته من النظافة والتعطر والهندام القويم عندما يذهب الى المسجد أو المدرسة أو الدائرة أو لصلة الرحم وعيادة المريض، فان مطلعه يكون مطلع خير وبركة وسعادة، أما الذي يعتريه القذر وتكتنفه الأوساخ فان مطلعه مطلع شؤم وكآبة وتذمر لا يجد من الآخرين الا نفورا وتباعدا وجحودا. فالجمال والطبيعة والزينة الظاهرية والباطنية والطهارة المادية والمعنوية هي من سمات المجتمعات الراقية المتحضرة، أما القذارة والوساخة فإنها تبقى سمة الدول المتخلفة والشعوب المغلوب على أمرها حيث تعيش في بيئة ملئها الأمراض والأسقام والتخلف والضياع، وما نراه من الحضارة الغربية هي نظافة ظاهرية وليست باطنية وهي محبذة لدى الاسلام ولكنها تبلغ الذروة عندما تكون نظافة متكاملة، فكما انها تنعش البدن فإنها تنعش الروح وتبعدها عن تداعيات الكآبة والرتابة والانتحار والتوترات النفسية التي تنتاب تلك المجتمعات البعيدة عن الايمان والاعتقاد بالآخرة، بينما المجتمعات الايمانية فإنها تقطف ثمار النظافة المادية في العيش البهيج، والنظافة المعنوية في التغلب على الصعاب في الأزمات بروح متألقة وقلب مطمئن ونفس ملؤها التقوى والأمل والتقدم والنجاح.

أحدث المقالات