قرر مجلس الامن بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية
تبنى مجلس الأمن الدولي، قرارا يطالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في تحول عن سياستها القائمة على حماية إسرائيل من أي إجراءات بالأمم المتحدة. وأعلن مكتب نتانياهو أن إسرائيل ترفض قرار مجلس الأمن “المشين ضد إسرائيل” ولن تلتزم به. طالب مجلس الأمن الدولي إسرائيل بإنهاء الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في قرار تبناه بعدما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت عليه. وردا على هذا القرار قال مكتب نتانياهو في بيان إن “إسرائيل ترفض هذا القرار المعادي لإسرائيل والمخزي من الأمم المتحدة، ولن تمتثل له”. وأدى امتناع واشنطن إلى تبني القرار الذي أيده 14 عضوا في المجلس من أصل 15. وتبني المجلس هذا القرار، وهو الأول الذي يصدره المجلس حيال النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين في ثمانية أعوام. وجاء التصويت بمبادرة من أربع دول هي نيوزيلندا وماليزيا والسنغال وفنزويلا، وتناول مشروع قرار كانت اقترحته مصر قبل أن تتراجع بضغط من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
الموقف الأمريكي وعدم استخدام حق الفيتو من منظور نظري
من المتعارف ان كل قرارات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي كانت تبنى او تفسر من خلال المنظور الواقعي التحليلي والذي يندرج تحته العديد من النظريات المفسرة لقراراتها وسلوكياتها وسياساتها الخارجية ومنها نظرية المصلحة ونظرية القوة والصراع وغيرها من النظريات، الا ان قرارها الأخير بالامتناع عن التصويت حول قرار وقف الاستيطان، وعدم استخدامها حق الفيتو والتي تعتبر دائما الورقة الرابحة لكل من الولايات المتحدة وحليفها إسرائيل ضد أي قرار ليس في مصلحة الدولتين وفق لتصريحات الدولتين، لكن لو نظرنا بامعان فأننا يمكن تفسيره وفق اكثر من منظور وذلك ما جعل للقرار صدى اعلامي كبير.
ويمكن النظر الى هذا القرار من عدة اتجاهات من خلال تحليله
1. وفق لنظرية المصلحة أولا حيث ان تصريح سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم بأنها لم تستخدم الفيتو ضد القرار لأنه يعكس الحقائق على الأرض وينسجم مع السياسة الأمريكية. وقالت إن “استمرار البناء الاستيطاني يقوض بشكل خطير أمن إسرائيل”، وذلك لما قد تتعرض له المستوطنات من حركات المقاومة وانها واقعة على أراضي فلسطينية وبذلك فان المصلحة الأمنية وحفظ السلام الإسرائيلي يقتضي من الولايات المتحدة عدم التصويت ضد هذا القرار ، ولا معه منعاً لاي خلافات مع حليفها الاستراتيجي.
2. وقد تكون صورة وهمية لمحاولة تصوير الولايات المتحدة في الحقبة الأخيرة من حكم أوباما على انها دولة ديمقراطية وفق المنظور ليبرالية كما يأتي في الخطاب السياسي الأمريكي دائما وهو محاولة ايقاذ القيم العليا والأخلاقية في الخطاب السياسي للولايات المتحدة ، وذلك على عكس ما نراه في الواقع ، واستخدام نظرية القوة من خلال استخدام القوة الناعمة لكسب التأيد الذي قد فقدته الولايات المتحدة في عدة قضايا وخاصة من قبل بعض الدول الحليفة والتي تشاركها مفاهيم القيم والحرية مثل الدول الأوروبية. وقد تكون لتحسين ودعم موقف الحزب الديمقراطي على حساب الحزب الجمهوري المحافظ وذلك لتاثير على الراي العام الأمريكي في المراحل القادمة. وكسب الغلبة في الانتخابات القادمة لصالح الحزب الديمقراطي.
3. أيضا وفق لنظرية الدولة العاصية والتي لا تنصاع للقانون الدولي، وبناءاً على ما عايشناه منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي ان الحكومة الإسرائيلية لا توقفها أي قرارات قانونية او عرفية او إنسانية فهي دائما ما تستخدم قوتها العسكرية في فرض رغباتها وكذلك اعتمادها المطلق على الحليف الأمريكي والعلاقة التعاونية فيما بينهما، وتبعاً لهذا فان القرار يعتبر لعبة لغوية من قبل الولايات المتحدة لا يمكن الاستفادة منه وخاصة بعد تقلد ترامب الحكم ، وتصريحاته وسياساته الواضحة والمناهضة والمناصرة لإسرائيل والتي على استعداد تام لاستخدام كافة الطرق من اجل دعم إسرائيل، علماً ان هذه القرار ليس نهائية.
خلاصة القول :
ان القرار الذي تم إصداره من قبل مجلس الامن يعتبر شكلي وفق للواقع الذي نعايشه، حيث لو كانت مثل هذه القرارات او حتى المعاهدات الدولية والاتفاقيات تلزم إسرائيل في شيء، فعليه كان الشعب الفلسطيني سيتمتع بادنى حقوقه وهو حقه في أراضي 67 وفي القدس كعاصمة لدولة فلسطين، لكن تفوقت نظرية الدولة العاصية على الواقع الذي نعايشه وما يتعلق بالصراع الذي اصبح يسمى الان بالقضية الفلسطينية ولم يعد يطلق عليه بالصراع عربي- إسرائيلي .