سمّت المادة (93) من الدستور العراقي سلطة ثالثة لم تكن معروفة في العراق قبل عام 2003، وأطلقت عليها (السلطة القضائية الاتحادية).
وجعل الدستور لهذه السلطة مكونات جميعها تندرج تحت خيمة السلطة القضائية الاتحادية، وفي مقدمتها المحكمة الاتحادية العليا.
هذه المحكمة يمكن تعرفيها بأنها الهيئة القضائية الاعلى في العراق من ناحية الاشحاص التي تخضع لاختصاصاتها والمساحة الجغرافية التي تمتد إليها اختصاصات هذه الهيئة حيث تمتد إلى جميع التراب العراقي، بما فيه إقليم كردستان والمحافظات غير المنتظمة بإقليم.
رغم مرور نحو قرن بقيت البلاد تفتقر إلى محكمة تعنى بالفصل في دستورية القوانين وبقية التشريعات تتولى مسؤولية الغاء القوانين والقرارات التي تصدر عن الحكومة.
يأتي ذلك في وقت اصطدم القضاء العادي في العراق بفكرة عدم قيامه بالفصل في دستورية القوانين وشرعيتها وكذلك القرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية.
من هنا جاءت الاهمية لتشكيل محكمة عليا تختص بالقضايا الدستورية وتعمل على ترسيخ مبدأ سيادة القانون وتتولى الحفاظ على مبادئ واحكام الدستور لاسيما المتعلقة بحقوق الانسان والحريات العامة.
وبعد صدور دستور العراق للعام 2005 وبموجب المادة (93) منه تم تحديد اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وهي، الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، حيث صدرت العديد من القرارات بهذا الشأن سواء بإلغاء قوانين كاملة أو بعض موادها وكذلك قرارات صادرة عن الجهات التنفيذية (كما حصل باعتبار قرار الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية لعدم دستوريته).
كما تتولى المحكمة وتفسير نصوص الدستور وهناك امثلة كثيرة من بينها تفسير المادة (76) من الدستور التي تتعلق بالكتلة النيابية الاكبر التي أوجدت مبدأ جرى الاعتماد عليه في تحديد الجهة التي تقدم مرشحها لمنصب رئيس مجلس الوزراء استناداً لهذا التفسير كلف رئيس مجلس الوزراء الحالي د.حيدر العبادي بتشكيل الوزارة، وللمحكمة ايضاً صلاحية الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، وكفا قانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005 القانون حق الطعن المباشر لدى المحكمة لكل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الإفراد والمنظمات.
كما تتولى المحكمة بموجب الدستور الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية ، والفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الأقاليم أو المحافظات، والفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء.
كما خولها الدستور المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب، والفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
ان الفقرة (ثانياً) من المادة (52) من الدستور تضمنت اختصاصاً آخر هو النظر في الطعن بقرار مجلس النواب في صحة عضوية أعضائه أمام المحكمة الاتحادية العليا خلال (30) يوماً من تاريخ صدوره، وقد صدر العديد من القرارات بشأن استبدال النواب وفقاً للقوانين النافذة وبما يؤكد احترام ارادة الناخب بمنح الحق للخاسر الاكبر من كتلة تبوء المقعد النيابي، وعدم ترك الامر إلى قيادات الكتل بترشيح من تشاء بعيداً عن رغبة الناخبين.
في حين أن المادة (94) من الدستور نصت على أن قرارات هذه المحكمة باتة وملزمة للسلطات كافة، و أن هذه القوة القانونية تستهدف صيانة النظام القانوني وسيادة حكم القانون بما يترتب عليه من حماية الحقوق والحريات.
يتبع..