23 ديسمبر، 2024 7:55 م

تثبت الأحداث المتواصلة بين ظهرانية عالمنا العربي وبشكل ملفت للنظر، تثبت بأن مبدأ التداول السلمي للسلطة ليس واردا في عقول ما يقولون عن أنفسهم صناع قرارالمرحلة ، الذين غالبا ما ترمي بهم الظروف صدفة الى صدارة الحدث السياسي هنا أو هناك، ما يجعل أحوال العرب من الاستثناءات المخجلة جدا، لأن صناع القرار في أغلب عواصم العرب الملتهبة منذ أشهر عجاف ، هؤلاء تحولوا الى خشب مسندة رغم ان الشعب قال كلمته، ولن يتراجع عنها بعد أن كسر حاجز الخوف ، والأنكى أن احدا منهم لم يعتبر بتجربة غيره، وكأنهم صدقوا كذبة الولاء الشعبي.
ان ما يجري في العزيزة سوريا من أحداث تجاوزت حدود المعقول ، وبما يعزز مفردة سوء التقديرو وتغليب الخيار الأمني على احترام ارادة الشعب، وقبل ذلك الاصغاء الى أنينه المزمن، بما دفع الى الواجهة مفردات جديدة تتداولها الألسن عفويا، على غرار الى متى ضعف الحال واغتيال المتبقي من الأمل في النفوس!!،  ثم لماذا سياسة حرق الأرض وكأن الشعب هو العدو” لمتربص بالثورة ومنجزاتها”، فيما خيارات الاصلاح التخديرية أضحت قنابل موقوتة في كل زاوية من أجل حصد المزيد من أرواح الأبرياء.
ويكشف خيار الانزواء وراء القوة العمياء لاجهاض مطالب الشعب، مقدار حاجة المنطقة الى مؤسسات دستورية تترفع عن الانغلاغق الحزبي والعائلي، وقبله تفضيل نصيحة الغريب الملغومة على مشورة أبن الدار الصادقة، نقول ان تحولات عرجاء شهدتها المنطقة منذ 50 عاما تقريبا، ولم يتحقق أي من شعاراتها الفضفاضة، كانت وستبقى حجر زاوية كل الفشل في أداء المؤسسات الحكومية ، وم نجم عنه من رغبة شعبية متجددة في التغيير.
نقول مرة أخرى أن منطقتنا العربية، التي ابتليت  بمشاربع ثورية على الورق تستمد قوتها من زج المواطنين في السجون أو تحويلهم الى مشاريع قتل متواصلة، خدمة لسياسي يظهر فجأة ملوحا برضا الشعب ، يدعي معرفة أسس النجاح السياسي والاقتصادي و الأمني، وانضمامه الى مطالب الشعب  وقبوله غير المشروط ها، فيما الصحيح غير ذلك بدليل أنه وبعد سوات يرحل الرجل غير مأسوف عليه، أو على الأقل يترجل لوحده في صحراء النسيان،  والأمثلة على ذلك كثيرة، ما يجعل من مطلب اعادة توصيف شكل الدولة ومؤسساتها من الضروريات الملحة جدا، ويدفع الى الواجهة وبقوة حاجة المنطقة للعودة الى عهد الملوكية، حيث المؤسسات تجتهد لخدمة الشعب والرأس يفكر في أسس حماية حقوق لمواطنين، بعيدا عن الوجه الأوحد والذكاء المفتعل، مثلما يطبق على صدور أغلب شعوب المنطقة، الذين ضاعوا بين انانية المسؤول وتفننه في خلق تغرات في جسد التركيبة الاجتماعية لشعبه.
ولأن الواقع السوري بات مفتوحا على كل الاحتمالات،  فانه من المسؤولية بمكان تذكير الشعب السوري الشقيق، بالمتربص به واقعا وأحوة، وواجب التبصربما يجري على بعد كيلومترات معدود، والامعان جيدا بمخاض تجربة العراق منذ 3003 الى حد يومنا الحاضر، وسيبقى الحال على ما هو عليه طالما ظلت الأنفس متوجسة ، والأنظار متجهة الى بدائل من الخارج، ما يضع عل عاتق الشعب السوري واجب المحافظة على هويته الوطنية، وعدم تحميل فريق بعينه مسؤولية الفشل المتراكم، لأن هذا لفريق قد يكون الأكثر تضررا، فليس كل مسؤول هو صاحب قرار وليس كل مقرب يمتلك الكفاءة والولاء، بتوضيح ادق على أهلنا في سوريا وضع الطائفية والعرقية جانبا وتحديد سقف ضيق جدا للمحاسبة، فليس كل من عمل في الدولة السورية مجرما، وليس كل من عارضها خالص النية للوطن وأهله.
نقول لاهلنا في سوريا ان الطائفية آفة مدمرة والعرقية خط أحمر كونها نذر شؤوم وتقسيم، وسياسة الانتقام ستزيد الطين بلة، لأن تعطيل القانون يعطي الضوء الأخضر لانشطار جماعات “تصفية الحسابات والانتقام”  على أسس شخصية ضيقة، وبما يفتح كل عناوين الفساد ،  واعادة كتابة الدستور وغيرها من هموم لم ينهض العراق بسببها، لذلك نقول أن السوريين مدعوون أكثر من أي وقت مضى للتبصر بتجربة العراق ، لتفادي الدخول في متاهات  المسائلة والعدالة ، وحفر الخنادق لكل مرحلة ، والاعتماد على مشورات خارجية جاهزة، عندها سيجد السوريون وقد خسروا أنفسهم،  لأنه وبدون وحدة المصير الوطني ستبقى كل مشاريع البناء والتنمية والاستقرار مجرد أوهام تتقاسمها عقول البعض،  بينما الرجوع الى الأخوة السورية وتضييق دائرة المحاسبة بالحد الأدنى، هو خيار كل حريص على مستقبل وطنه، عكس الحالم بصفقات يحسن بها اوضاعه الشخصية، على اعتبار ان لسوريا والعراق رب يحميهما، لكن، هذه المرة،  ليس من غدر الغريب بل من تقاعس أبن الدار عن مسؤولياته وواجباته، وتلك مصيبة اضافية في منطقة تفتقر الى الأعم من الايجابيات والتقدرة على اعادة ترتيب الأولويات، بعد أن اضحت حلول نصف الخطوة قاموس الفشل الجديد!!

رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]