ما الفرق بين مناطق خفض التصعيد الروسية والمناطق الامنة او مناطق الحظر الجوي المقترحة أمريكيا؟
في منتصف ليل الخامس من شهر أيار تم تطبيق خفض التصعيد في سورية على أربعة مناطق و وفقاً لهذه الاتفاقية فانه لا يسمح للطائرات الحربية ان تقوم بمهمات طيران في المناطق المشمولة بالأماكن الامنة وذلك يشمل الطائرات السورية و الروسية و الامريكية على حد سواء.
تعتبر محافظة ادلب هي أكبر منطقة خفض التصعيد مع المناطق المجاورة لها مثل اللاذقية و حلب و حماة و هي مساحة تغطي تقريباً مليون نسمة او اكثر. اما المناطق ” الامنة الأخرى” تقع في الجزء الشمالي من حمص و الغوطة الشرقية و درعا و القنيطرة كما انه من المقرر ان تستمر ” المناطق الامنة” لمدة ستة اشهر مع إمكانية التمديد بعد ذلك الوقت.
يتساءل العديد من المراقبين عما حصل في سورية الان رغم ان الولايات المتحدة وحليفتها التركية قد طالبتا منذ فترة طويلة “بمناطق امنة” او “مناطق حظر جوي” في بداية الاحداث والان هذه “المناطق الامنة” نفسها حصلت في سورية بناءاً على طلب روسي و بالتعاون مع ايران و سوريا و تركيا، فما الذي يحدث بالضبط ؟
على الرغم من اختلاف التسمية بين مناطق خفض التصعيد الروسية و المناطق الامنة الامريكية والتشابه في المفهوم من حيث انها مناطق جغرافية لا يسمح فيها بتنفيذ هجمات جوية ولا يسمح بان تجري طلعات جوية عسكرية ولكن هنالك فروقات واضحة بينهما . فأولاً وافقت الحكومة السورية على الخطة الروسية في حين انها رفضت الخطة الامريكية و ثانياً ان غاية الخطة الامريكية من “المناطق الأمنة” و “مناطق الحظر الجوي” تهدف إلى تحجيم القوات الحكومية السورية و بالتالي اضعاف دوره مما سيمنح الشرعية لغزو قوات الناتو لسورية بذريعة مكافحة الارهاب، ومن الملاحظ ان الولايات المتحدة لم تكن طرفاً في المفاوضات التي جرت حول هذه المناطق كما انها لم تسمح بإجراء عمليات عسكرية جوية ضمن هذه المناطق.
وعطفا على ما سبق، فان الولايات المتحدة لا تنوي التحليق فوق العديد من المناطق التي يشملها ” خفض التصعيد” ، بالرغم من قيامها ببعض الحالات النادرة في ما مضى ، حيث ان هذه المناطق الجوية محمية من قبل نظام المضادات الجوية السوري ” سام” بالإضافة إلى تواجد القوات الروسية و مع ذلك فان الولايات المتحدة تجري طلعات جوية فوق ادلب كما لا ننسى أن الإسرائيليين يحلقون في أي مكان يشاؤون دون رادع او خوف دام انهم واثقون بانهم سيقاتلون حتى اخر جندي امريكي اذا ما قامت سورية بالرد.
والفرق الاخر بين الخطة الامريكية ونظيرتها الروسية هو انها محاول للسماح للجيش السوري بسحب قواته المرابطة في تلك المناطق ونشرها في شرق و جنوب سورية من اجل القضاء على النشاطات الإرهابية في تلك المناطق و منع القوات الإسرائيلية و الأردنية من تقسيم الأجزاء الجنوبية و الجنوبية الغربية من سورية و منع داعش و الأمريكيين من انشاء مناطقهم الخاصة في الجزء الشرقي ، كما انها محاولة لدفع عجلة تقدم الجيش السوري في سباقه نحو الرقة. بالإضافة إلى أهمية استراتيجية أخرى هي محاولة دفع الجيش السوري للتحرك واستعادة دير الزور فانه اذا ما تمكن من ذلك مرة أخرى أي من استعادة دير الزور و ربطها بقاعدة الطبقة الجوية فإن ذلك سوء يؤدي إلى السماح بالقيام بعمليات عسكرية ناجعة في شرق المدينة و المناطق المجاورة لها و تحريرها بعد ثلاث سنوات من الحصار و بالتالي سيجعلها أرضية خصبة نحو الانطلاق غرباً.
كما لا نغض الطرف على ان النفط يشكل أهمية أساسية لكل من التحالف الغربي والتحالف السورية/الروسي، فقد بذل الامريكيون و الأردنيون وبالتنسيق مع إسرائيل جهود جبارة للسيطرة على الحدود الجنوبية السورية وانشاء غرف عسكرية مشتركة في سبيل تشكيل عائق امام تقدم القوات الحكومية السورية. ومما تجدر الإشارة إليه ان الهدف الأمريكي من التقدم نحو دير الزور الغنية نفطياً بما تحتويه من أهمية في تحقيق المشروع القطري في تزويد القارة الاوربية بالغاز عبر الأراضي السورية و الذي من شانه ان يؤثر على أهمية الغاز الروسي إلى اوربا وبالتالي يسحب من تحتها احد الأوراق الفاعلة في المنطقة.