18 ديسمبر، 2024 11:27 م

العراق وقمة المحور الإقليمي

العراق وقمة المحور الإقليمي

الكل تسأل؛ ما علاقة الدول الإقليمية بمشروع التسوية الوطنية؟ إذا كان الشأن داخلي, الأمر الأخر؛ الجميع متفق ما جرى ويجري في العراق, هو نتيجة الصراع الإقليمي على أسس طائفية ومذهبية, ما يعني إن أرض الرافدين, تحولت ساحة لتصفية الحسابات بين الجارتين الشرقية والغربية, لذا نسأل هل يمكن الخلاص من ذلك؟.

إذا تيقن السائل, إن ما يحدث, وإن كان الأغلب يُنفذ بأيادي داخلية, لكن الأجندة الخارجية هي الدافع لذلك, فالشعب العراقي لاسيما المحافظات الوسطى والجنوبية, لم يسجل فيها أي حدث طائفي طيلة العقود المنصرمة, بالعكس كان التوادد والتراحم والتصاهر, سمات لا تنفك في العلاقات الاجتماعية بين العراقيين, وليس القصد طوائف معينة, إنما كل الشعب نسيج متجانس من مختلف الديانات والقوميات والمذاهب.

لكن ما حدث بعد 2003, كان علامة فارقة في تاريخ العراق, وانعطافة مهمة غيرت مجريات الإحداث, أصبح تأثيرها الاجتماعي أخطر بكثير من التأثير السياسي, رغم إن الأخير هو المعيار الظاهر للعلاقات المتشنجة بين العراقيين, خاصة بين أبناء الطائفتين الشيعية والسنية, ما أثر سلباً على كل الأوضاع الأخرى, وما حدث في صيف 2014, كان دليل واضح للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية.

كانت منابر الفتن والظلال تمارس دور خبيث بتأجيج الأوضاع الطائفية, والتحريض على إثارة الفتن, وإراقة الدماء على أسس عقائدية, ومباني فكرية ترجع في حقيقتها للصراع الملتهب في المنطقة, خاصة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران, والعداء المستشري ضدها من قبل الحكومة السعودية, كل هذا التشاحن تحول إلى حرب بالنيابة, تدور رحاها على أرض العراق, بدعم إقليمي كبير, لاسيما للعصابات الإجرامية.

اليوم وبعد حرب طاحنة أكلت الأخضر واليابس, راح ضحيتها خيرة شباب العراق بين شهيد وجريح, فضلاً عن الدمار الاقتصادي والاجتماعي والتنموي, لولا الفتوى المقدسة للإمام السيستاني, لابد أن يسأل السائل, هل من نهاية لما لحق بالعراق؟ انهار الدم وسنوات الخراب, إذا كنا لا نريد أن نكشف الحقيقة, ونعترف إننا بحاجة لتسوية شاملة وعامة, علينا أن نعالج الأخطاء ونكاشف دول الجيران.

ما حدث في العراق طيلة السنوات الماضية, هو نتيجة للخلافات السياسية بين السعودية وإيران وتركيا ومصر, كلاً تدافع عن مصالحها القومية, تتقارب وتتباعد على وفق المصالح التي تخدم بلدانها, ولم تفكر بما أصاب العراق, كون الأغلب بالعراق لا يريد إن يقف في المنصف, خدمةً للمصالح الوطنية, فالأجندة الخارجية هي الحاكمة, ويستهدف بأدوات الخصوم كل من يريد الخير والصلاح للشعب العراقي.

لذا بات من الضروري, في خضم الإحداث المتصارعة والمتداخلة في منطقة الشرق الأوسط, الحفاظ على سيادة العراق, وضمان استقلاله, بعيداً عن التدخل الخارجي, نتيجة لذلك لابد من جلوس دول المحور الإقليمي؛ (إيران والسعودية ومصر وتركيا والعراق) على مستوى القمة, للتحاور والتفاهم, وإعادة ترتيب الأوضاع, لإيقاف نزيف الدم, واحتواء الأزمات المستمرة.