3 ديسمبر، 2024 2:52 ص
Search
Close this search box.

إتجاه أردوغان للهند .. إبتزاز سياسي أم تكتيك لاعب ماهر ؟

إتجاه أردوغان للهند .. إبتزاز سياسي أم تكتيك لاعب ماهر ؟

كتبت – نشوى الحفني :

في كلمة ألقاها الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” أمام منتدى الأعمال التركي الهندي الإثنين 1 آيار/مايو، بالعاصمة الهندية نيودلهي التي أجرى لها زيارة رسمية بدعوة من نظيره الهندي، بعد استقبال الرئيس الهندي “براناب موخرغي، ورئيس وزرائه “ناريندا مودي” له بمراسم رسمية في القصر الرئاسي بنيودلهي، أعرب عن استعداد بلاده، لتوفير كافة أشكال الدعم اللازم للشركات الهندية الراغبة بالاستثمار في تركيا. واصفاً المنتدى بمثابة “الميلاد لمرحلة جديدة في العلاقات التركية الهندية من الناحية الاقتصادية”. مضيفاً أن “البلدين تربطهما علاقات الصداقة والتعاون منذ استقلال الهند عام 1947”.

مؤكداً أردوغان على رغبة بلاده في تعميق العلاقات الاقتصادية من خلال تنويع مجالاتها، مبيناً أن “مجلس الأعمال التركي الهندي، سيساهم في توسيع الاستثمارات المتبادلة، ويعزز من التعاون الاقتصادي الثنائي”. موضحاً أن البدء في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، من شأنه أن يضفي على العلاقات التجارية زخماً أكبر”.

عمر جهاد وردان

وفي السياق ذاته أوضح أن “فتح اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية مكتباً له في إسطنبول، سيلعب دوراً كبيراً في تعزيز العلاقات التجارية، مقابل افتتاح مكتب لمجلس المصدرين الأتراك، ومجلس العلاقات الخارجية الاقتصادية، في نيودلهي”.

الرئيس التركي أعرب كذلك عن ترحيبه، بوصول حجم التجارة الثنائية مع الهند إلى 6.6 مليار دولار نهاية 2016. واصفاً إياها ” بغير الكافية”، معرباً عن أمله في أن يصل إلى 10 مليارات دولار. مؤكداً على أن حجم الاستثمارات التركية في الهند، يبلغ 212 مليون دولار، يقابله حجم استثمارات هندية في تركيا بواقع 110 مليارات دولار.

لافتاً إلى أن بلاده تتمتع بمؤهلات تحولها لقاعدة إنتاج وتجارة في أوروبا وآسيا الوسطى ومنطقة البحر المتوسط والشرق الأوسط، مثل الموقع الجغرافي المناسب، والسوق المحلية، مشدداً على ضرورة إنشاء البنية التحتية اللازمة لقوانين الضرائب والجمارك والمالية والقطاعات الحساسة، بين البلدين، من أجل استخدام هذه القدرات.

موجباً تخفيف الضغط على التبادل التجاري بين البلدين، عبر استخدام العملة المحلية بالتجارة، معلناً أن تركيا تمتلك 42 شركة من بين أكبر 250 شركة مقاولات في العالم، بواقع 342 مليار دولار حجم أعمال.

داعياً إلي أهمية التعاون مع الهند في القطاع السياحي. مستعرضاً عدد زوار تركيا من السائحين الأجانب والذي وصل إلى 25 مليون سائح العام الماضي.

تركيا والهند تدرسان التخلي عن الدولار..

على هامش المنتدى، صرح أردوغان  بأن الدولتان تدرسان إمكانية التخلي عن استخدام الدولار الأميركي في تعاملاتهم. مؤكداً على أنه يمكن تنفيذ عمليات الصادرات والواردات بالعملات المحلية للبلدين، الأمر الذي سيقلل من التأثر بتقلبات الدولار وأسعار صرفه، وسيكون له أثر إيجابي على اقتصاد البلدين.

المجلس يضم 134 مجلساً للأعمال..

رئيس المجلس التركي للعلاقات الخارجية الاقتصادية “عمر جهاد وردان”، معلقاً على أعمال المنتدى قال إنهم يهدفون إلى رفع حجم التجارة والاستثمار، بين تركيا والهند.

موضحاً أن المجلس تم تأسيسه عام 1986، بهدف تطوير العلاقات الاقتصادية الخارجية لعالم الأعمال التركي، ويضم داخله في يومنا 134 مجلساً للأعمال، بينهم مجلس الأعمال التركي الهندي. معربا عن أمله في تطوير العلاقات الاقتصادية مع الهند، بفضل منتدى الأعمال.

طرد شبكة “غولن” من أهداف الزيارة..

لا تقتصر زيارة “اردوغان” على الجانب التجاري والإقتصادي فقط، وانما تستهدف مباحثات شاملة مع الجانب الهندي حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وحيث أن الزيارة لا تقتصر على الجانب الإقتصادي، عبر أردوغان عن اعتقاده أن الهند ستتخذ خطوات لطرد الشبكة المحلية التابعة للداعية الإسلامي “فتح الله غولن” الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة انقلابية فاشلة في تموز/يوليو الماضي.

الهند ستكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم..

كان للخبراء رأياً حول العلاقات الثنائية بين الهند وتركيا.. فيقول الأستاذ في قسم الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال والعلوم الإدارية في جامعة مديبول بإسطنبول “مولود طاتلي ير”، إن “المحور الاقتصادي في العالم بدأ يميل نحو آسيا بشكل سريع منذ 1990″، مضيفاً أن الصين والهند لديهما ثقل كبير في الاقتصاد العالمي، وأنه من الممكن أن تكون الهند ثاني أكبر اقتصاد في العالم في حال استمرت بالنمو الحالي.

مشيراً “طاتلي ير” إلى أن تركيا تتواجد في محور النظام الاقتصادي العالمي بفعل موقعها الجيوسياسي، لافتاً إلى أنها بدأت تغير وجهتها الاقتصادية من الغرب إلى الشرق.

واعتبر أن الطريق الذي يؤدي بتركيا نحو التنمية الاقتصادية والنمو هو في الجانب الآسيوي، موضحاً أن للهند مكانة مميزة بالنسبة لتركيا، وأن هناك علاقات قريبة بين الإسلام والحضارة الهندية عبر التاريخ، مشيراً إلى أن 14% من سكان الهند مسلمون، مؤكدا على أن البلدين سيستفيدان من بعضهما البعض، وأنهما سيعتمدان في علاقاتهما الاقتصادية على مبدأ الفائدة المتبادلة.

“طاتلي” مشدداً على احتمالية أن تكون الهند فرصة لانفتاح تركيا نحو آسيا، قال: “يمكننا تطوير علاقات اقتصادية مع الهند، لكن في الحقيقة العوامل الثقافية مهمة أيضاً، رغم وجود عناصر مختلفة إلا أن الهند ليست بعيدة عن الثقافة التركية والحضارة الإسلامية”.

موضحاً أن ثلثي سكان الهند التي تعاني من مشاكل كبيرة في بنيتها التحتية والتمدن، يعيشون في مناطق ريفية، ويمكن لتركيا المساهمة في هذا المجال بفضل تجاربها في مجال العقارات.

تركيا لا تستخدم امكاناتها بشكل كاف في جنوب آسيا..

رئيس مركز جنوب آسيا للأبحاث الاستراتيجية “مصطفى دمير”، أوضح إن زيارة أردوغان للهند ستضيف حيوية للعلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.

وأضاف أن العلاقات السياسية بين الطرفين لها ماض تاريخي عميق، وسكان الهند وخاصة المسلمون منهم قدموا مساعدات لتركيا في حرب الاستقلال، مشيراً إلى نقص الاستثمارات التركية في الهند التي تعتبر اقتصاداً نامياً بين اقتصادات العالم، فيما العديد من الشركات الهندية تستثمر في تركيا.

لافتاً إلى أن تركيا لا تستخدم إمكاناتها بشكل كاف في جنوب آسيا، ويمكنها زيادة تواجدها الاقتصادي فيها عبر الاستفادة من الروابط التاريخية المشتركة.

التشابه الثقافي سيكون علاقات وثيقة بين دلهي وأنقرة..

مدير قسم الاقتصاد في مركز الدراسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التركي (سيتا) “نور الله غور”، أشار إلى أن تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الهند التي هي سابع أقوى اقتصاد في العالم، مهم من حيث انفتاح تركيا على أسواق جديدة، لافتاً إلى أن دلهي تمتلك سوقاً حيوياً واسعاً.

مشيراً “غور” إلى إن تركيا لا تريد أن تدير وجهها اقتصادياً نحو الولايات المتحدة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي فقط، بل تسعى لتنويع أسواق صادراتها، لذلك فهي ترغب بأن تكون أكثر فاعلية في مناطق عديدة بدءاً من آسيا وانتهاءاً بأميركا اللاتينية وإفريقيا.

موضحاً أن تركيا ستصبح شريكاً مهماً لانفتاح الهند نحو الشرق الأوسط وأوروبا، وأن ماضي العلاقات والتشابه الثقافي بينهما سيكونان وسيلة لإقامة علاقات وثيقة بين أنقرة ودلهي.

فتح الله غولن

أردوغان برجماتي محترف يجيد اللعبة..

مدير مركز طيبة للدراسات والأبحاث السياسية “د. خالد رفعت”، معلقاً لـ(كتابات)، يقول: أن “الرئيس التركي رجب طب أردوغان، رجل سياسي برجماتي محترف، يجيد لعبة السياسة ويعرف مايريده بالضبط”. مشيراً إلى أن توجهه الآن للهند هو بمثابة إعلانه الخروج من معسكر “الناتو” وأميركا، في مقابل التحالف الجديد مع روسيا والصين والهند وإيران، مستغلاً لعبة التجارة والسلاح في هذا الاتجاه”.

لا يمكن استبدال العلاقات التركية الأميركية..

بينما اختلفت وجهة نظر رئيس تحرير مجلة الديمقراطية والباحث في الشؤون الآسيوية بمركز الأهرام للدرسات السياسية والإستراتيجية “د. بشير عبد الفتاح”، حيث قال، موضحاً لـ(كتابات)، أن “توجه أردوغان الآن للهند يأتي في إطار مساعيه لتنويع العلاقات الخارجية، وليس الهدف منها استبدال علاقاته بأميركا وأوروبا وأن التوتر الموجود ماهو إلا توتر عارض ومرحلي ولن يؤثر على العلاقات بينهما مهما حدث، وأنه لا يوجد بديل للعلاقات التركية الأميركية والأوروبية”. مشيراً إلى أن أقصى شئ يمكن أن يستهدفه اردوغان هو تحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بالإضافة إلى حصار جماعة “عبد الله غولن” في الهند.

يذكر أن تركيا قد افتتحت قنصلية لها في مدينة “مومباي” عام 2010، وقنصلية أخرى بمدينة “حيدر أباد” عام 2013، وهو ما يوضح مدى اهتمام تركيا بالهند.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة