19 ديسمبر، 2024 12:06 ص

ضمانة إنقراض التنظيمات الارهابية المتطرفة

ضمانة إنقراض التنظيمات الارهابية المتطرفة

تنظيم داعش الارهابي الذي طفق يصول و يجول منذ سيطرته على الموصل و الرقة و مساحات شاسعة أخرى من العراق و سوريا، تميز عن تنظيم القاعدة بأنه خرج الى النور و شکل دولته التي يطمح إليها و جعلها ملاذا لکل الذين لديهم ميول متطرفة و مغالية في الدين، لکن الذي يدعو للتأمل أن داعش قد سار في طريق ذو إتجاه واحد و نهايته الهاوية، ولذلك يمکن تشبيه التنظيم ککل بأحد إنتحارييه الذين لايجدون سوى الموت خيارا لتحقيق هدفهم، في حين أن تنظيم القاعدة يفکر بصورة عقلانية و يحسب للکثير من الامور الذاتية و الموضوعية حسابها، ولذلك فقد وجد بعد الضربات العديدة التي تلقاها، ان الاستمرار في المواجهة وفق المقاييس السابقة تعني إلقاء التنظيم ککل الى التهلکة ولذلك فقد نأى بنفسه في هذه المرحلة نوعا ما بعيدا و إختار مراقبة الامور و الانتظار لحين مجئ الفرصة المناسبة، لکن من المؤکد بأن القاعدة لن يبرز بعد تلاشي داعش لأنه يعلم بأن ذلك لن يکون في صالحه وقد يکسر الرکائز الضعيفة الحالية التي تبقت له و يقف عليها.

هل يمکن التصور بأن تنظيمات أخرى کالنصرة و احرار الشام من شأنها أن تأخذ مکان داعش؟ من المؤکد لا، لأنها سوف تتأثر هي الاخرى بهذه الحرب التي تشن على داعش و تجعلها تتقوقع على نفسها ولاتخطو خطوات أخرى من شأنها إثارة دول المنطقة و العالم، غير انه وفي نفس الوقت ليس بالامکان التصور بأن المنطقة ستخلى من تنظيم مشابه او مساير لداعش، لأن الاوضاع السياسية و الامنية المضطربة للمنطقة و الاهداف و الاجندة السياسية المتضاربة فيها، قد تدفع مجددا لخروج تنظيم آخر او حتى دعم و توجيه احدى التنظيمات المتطرفة الموجودة کي تکبر خصوصا وان هناك مشکلة الفراغ الفکري و العقائدي لشريحة الشباب في دول المنطقة و التي تستهويها هکذا تنظيمات متطرفة مغامرة، والسؤال من هو الطرف الذي سيبادر مجددا لدعم هکذا تنظيم و يدفعه للظهور و تشکيل خطر على أمن و استقرار المنطقة؟

إجابة السؤال سارد الذکر يمکن البحث عنه في ظهور و بروز و تضخم کلا من القاعدة و داعش في المنطقة و من کان الطرف الاکثر إستفادة من ذلك؟ قطعا نحن لانعتبر بأننا نعلن ثمـة سر عندما نشير الى نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي طالما کان الطرف الاکثر إستفادة من ظهور و بروز هکذا تنظيمات وکان الاکثر خبرة لإستغلال ظهورها و بروزها لصالح أهدافه و أجندته الخاصة، وان إيواء النظام لأفراد بارزين من القاعدة و کذلك التفاهم و التنسيق الذي کان جاريا بينهما خلال الاعوام الماضية جعلته دائما في حالة من التواصل مع هذا التنظيم، أما عن علاقته بداعش، فتلك قصة طويلة تکاد فصولها أن تکون أقوى و أضخم من فصول قصته مع القاعدة، ذلك أن تضخيم داعش على الاراضي السورية کان بالاساس محض سيناريو إيراني ضرب أکثر من عصفور بحجر واحد، واننا نعتقد بأن التنظيم القادم ستکون علاقته بالنظام الايراني أقوى من علاقة الاخير بداعش، خصوصا وان للنظام أهدافه و غاياته العديدة التي لم تصل الى نتيجة لحد الان ولهذا فإنه سيلجأ الى سيناريوهات جديدة من أجل ذلك.

تبقى الحقيقة التي يجب على العالم تقبلها و الاقرار بها دائما، وهي أن بقاء النظام الايراني يعني بقاء التطرف الديني و إستمرار ماکنة الارهاب لأن قدر هذا النظام هو أن يقتات على تصدير الازمات و الفتن للآخرين کي يستمر و بدون ذلك فإنه سينتهي و يتلاشى، فهل سيفهم العالم هذه الحقيقة التي تؤکدها المقاومة الايرانية التي هي أکثر طرف له خبرة و معرفة دقيقة بهذا النظام من مختلف الجوانب

خصوصا وإنها قدمت و تقدم الادلة و المستمسکات المختلفة التي تثبت ذلك و تٶکده، وإننا نرى بأن أفضل و أهم ضمانة لإنقراض و إبادة التنظيمات المتطرفة و الارهابية هو التغيير السياسي الجذري في إيران و مجئ نظام حکم يٶمن بالحرية و الديمقراطية و لايتدخل في المنطقة، ومن غير ذلك فإن إنتهاء داعش أو غيره من التنظيمات الارهابية يکون مجرد قطع غصن، في حين يبقى الجذع و الجذور لإنبات أغصان أخرى وهکذا دواليك.