في كثير من الاحيان تنشغل وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، بخبر يتحدث عن اصابة فنانة اميركية او هندية بانزلاق في رقبتها نتيجة تعثرها على المسرح ما ادى إلى سقوطها في احضان الجمهور !! او ان لاعب نادي ….. – ولا اريد ان اذكر الاسم لكي لا اتعرض لهجوم كاسح من قبل انصار هذا النادي او ذاك بعد ان وصل مستوى الخلاف بين مشجعي الاندية الاسبانية من العراقيين إلى ان يقتل الاخ اخاه او الصديق صديقه !!- .. في حين اننا نجد الصمت سيد المشهد اذا ما سقط نجم من نجوم العراق في شتى المجالات سواء في العلم او الادب او الفن او الرياضة ، وان جاد البعض على هذا النجم فربما بعدد من كلمات التعزية تمتنع الكثير من قنواتنا الفضائية من الاشارة اليها لأسباب مجهولة !!
قد تكون الشهرة التي وصل اليها اللاعبون في الاندية الاسبانية او الممثلون الاميركيون ،هي سبب هذا الاهتمام الشعبي والإعلامي بهم في حين ان الكثير من علمائنا الكبار بنتاجهم العلمي هم غير معروفين اعلامياً لأننا بصراحة لا نجيد فن الترويج لإبداعنا ومبدعينا كما يفعل الاخرون .. ولذلك عندما يغيّب الموت احداً من نجومنا لن يلتفت او يهتم له احد .. وعدم الاهتمام هذا لايقتصر على غير المعروفين اعلاميا ، بل حتى النجوم عندما يغيبون ، يمرون مثل نسمة هواء غير محسوسة … وبعد ان يموتوا بزمن ربما يتذكرهم احد من خلال مقال في صحيفة غير مقروءة او برنامج في قناة فضائية غير مشاهدة !! .. وهكذا يأفل الكثير من المبدعين بصمت ، كما افل نجم الاستاذ الدكتور ظافر حسين رشيد رئيس جمعية الاحصائيين العراقية ، الذي يحمل اختصاصاً يعد من الاختصاصات النادرة فهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الاحصاء الرياضي / تصميم تجارب من جامعة فرجينيا الفنية الرسمية في الولايات المتحدة الاميركية عام 1984 .. ولو اردنا ان نستعرض سيرة هذا العالم العراقي الكبير فربما نحتاج إلى صفحات متعددة للإحاطة بمنتجه العلمي ، فقد اسهم في الاشراف على العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه ودرّس في العديد من الجامعات العراقية وتخرج من تحت يديه الكثير من الطلبة الذين يشغلون اليوم مراكز مهمة في العلم والدرس وشارك في الكثير من المؤتمرات الإحصائية والعلمية في شتى دول العالم فهو من الاسماء المعروفة على المستوى العربي لاسيما بين الاحصائيين العرب، وكتب المئات من البحوث والدراسات والتقارير وأصدر كتبا عدة في مجال اختصاصه بعضها تم اعتماده منهجاً تدريسياً في كليات الادارة والاقتصاد.
وهنا لست بصدد استعراض السيرة الذاتية للدكتور ظافر حسين رشيد الذي كان يشغل قبل وفاته المفاجئة منصب رئيس قسم الاحصاء في كلية الادارة والاقتصاد بجامعة بغداد ، فهذه الكلمات لن تزيد من رصيده الكبير شيئاً .. ولكن اردت الاشارة إلى اننا ينبغي ان نهتم بعلمائنا في حياتهم وبعد مماتهم ، فهم البناة الحقيقيون للبلد لاسيما اولئك الذين يحملون اختصاصات نادرة.. رحل الدكتور ظافر حسين الذي عرفته قبل 4 اعوام فقط ولم يبادر احد لاستذكاره ، حتى التلفزيون الرسمي للدولة احجم عن نشر أي خبر عن رحيله لأسباب مجهولة !! .. رحم الله الفقيد الدكتور ظافر حسين ، وان غيابه هذا لاشك سيترك جرحًا عميقاً في نفوس طلبته وزملائه ومريديه .
نقلا عن الصباح الجديد