كردستان ستبقى عراقية
مرحلة مابعد داعش؛ هي المرحلة التي تتهيأ لها جميع الاطراف حاليا، وكل يعد العدة لطرح المشروع الذي يحافظ على كيانه ويلبي طموحات جماهيره مع اختلاف النوايا بين السلب والايجاب.
شمال العراق؛ حيث الوضع الكردي المعقد سياسيا وشعبيا، كردستان التي دائما ماتناغم جماهيرها بالانفصال عن العراق وتأسيس الدولة الكردية التي يحلمون بها، ويظن بعضهم أن الفرصة سانحة الان لتأسيسها في ظل مرحلة تسويات اقليمية وأن العراق مقبل على مرحلة اعادة ترتيب اوراقه المتبعثرة.
لو دققنا في الهدف الحقيقي من التلويح بالانفصال في هذا الظرف لوجدناه وسيلة للضغط لتحقيق مكاسب أكبر للاقليم والا فان كردستان اقرب الى الدولة العراقية الان منذ 25 سنة منصرمة، ولم يؤيد 40% من نواب الكرد هذا الخيار وخصوصا جزء كبير من نواب حزب الاتحاد الوطني وحزب التغيير والجماعة الاسلامية، كذلك فان الانفصال وان حصل على التأييد في الاستفتاء الشعبي الا انه يتطلب موافقة ثلثي أعضاء برلمان الاقليم وهذا غير متوفر حاليا.
العائق المالي والاقتصادي هو من يقف أيضا بوجه الاستقلال؛ حيث التقشف الكبير الذي تمارسه سلطة الاقليم وتأخر دفع رواتب موظفيهم،بالاضافة الى الديون المترتبة على ذمة الاقليم لصالح شركات نفطية وبنوك، ويرى مراقبون أن عملية الانفصال تتطلب 30 مليار دولار لتهيئة المؤسسات السيادية والبنى التحتية للدولة الكردية.
وياتي هنا عامل آخر ومتجدد وهو الرفض الاقليمي المحروز ضد الاعتراف بالدولة الكردية، وهذا ماسيفقدها حيويتها ووجودها الدولي حتى وان تكاملت أركانها الداخلية، فلا زالت ايران وتركيا رافضتان رفضا قاطعا للاستقلال لأنه يهدد كيان دولتيهما كما هو معلوم.
وبالاضافة الى عوامل داخلية أخرى تتعلق بالانقسامات داخل الاحزاب،وبالتخوف الكبير لدى الاتحاد الوطني والتغيير والجماعة الاسلامية من تفرد بارزاني وحزبه الديمقراطي ليقيموا دولة ديكتاتورية تهمش وجود بقية الاحزاب في السلطة.
من هذا المنطلق نرى أن كردستان تسعى لأن يكون لها مغنم كبير لشعب الاقليم في التسوية الوطنية المقبلة، فضلا عن تزامنها مع تسويات اقليمية تجري حاليا وبالتأكيد فان التسويات بين الدول تؤثر ببعضها البعض وفق نظرية الأواني المستطرقة، وبناء على هذا فان خيار العراق الواحد قد حسم بشكل نهائي ولاداعي للقلق من التقسيم، وعلى شعب كردستان أن يفكر بطريقة جديدة وينظروا لاقرانهم العراقيين نظرة اخوية ووطنية مع احتفاظهم بحقهم في الاعتزاز بقوميتهم الكردية وما لها من خصوصيات،وهذا مايقودنا نحو العيش المشترك وتحقيق السلم الاهلي.