21 ديسمبر، 2024 8:21 ص

العراق نقطة البداية لنهاية الصراع البشري (1)…!

العراق نقطة البداية لنهاية الصراع البشري (1)…!

يتحدث الأزل عن صراع بين الخير والشر، تغيب حيثياته ومسبباته، خلف الفضاء المظلم، أوعز به الخالق على إختلاف ما يؤمن به المتعبدين،عبر عدة مفاهيم منها (النبوءات والكتب السماوية والمعتقدات والخرافة التي اوجدها المخلوق لنفسه)، تجسد الصراع بصورة النطاق الواسع، بين جانبين يترابطان بحلقة البشرية، فللبشرية صراع فيما بينهم كأشخاص، وبين أنفسهم كأرواح وأجساد من جهة، وفيما بينها وبين خالقها من جهة أُخرى.
منشأ الصراع في المنظور الغير إسلامي:
 هنا إختلفت الرؤى والأطروحات في منشأ الصراع البشري، قال “ماركس” كونه لا يؤمن بوجود خالق، بأنه صراع بين الطبقات، بسبب إختلافها من حيث الوجود والتمايز، وقال المفكر الأميركي “صامويل هنتنجتون” بأنه صراع بين الحضارات، إشتدت وتيرته بين أربعة مسميات،( الإسلام والمسيح والعلمانية واليهود)، أما “داروين” قال إن ما يحصل لا يخرج عن مفهوم”صراع من أجل البقاء” ولكل متصارع جهة وأدوات يعمل بها من حيث فضاءه المتاح.
منشأ الصراع في المنظور الإسلامي:
 الله (جل عُلاه)؛ يرى بالبشرية الخَلق الذي لابد أن يضفي صفة الخير، ولكن بعد مجادلة وإحتجاج حدث في السماء مع الشر، انتهى بتمرد إبليس وحزبه، على إرادة الله بعد سنوات قضاها في عبادته..! لم يجد إبليس فضاء يعمل فيه، بعدما طُرد من السماء حيث الملائكة، وضلت تحاصره اقراص الحجر والنار (الشُهب)، تحرقه بلهيبها كلما حاول الرجوع، فحمل أمتعته نحو الأرض حيث البشر، فحاجج الله بأنه سيجند عباده لصالحه، فأخبره الله بقوله “( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين)”تناهى الله بالدقة في خلقه، من حيث الرحمة والعدل، ولم يجعل للإنسان حجة على إتباعه لإبليس، فبعث الرسل والأنبياء، فكان تقدير “الله” في الرسل، أن يكون نبي مصحوب برسالة، أي كتاب وقيادة، وكان تقديره في الأنبياء الآخرين، بأن يكون منذرين محذرين، يمتهنون صفة المشافهة، وما إن إنتهى عصر الأنبياء، جعل فيهم الخلافة بالإمرة، وما بعدها بالأمامة حتى انتهى بوكالة الأمامة، فكان الله لا يرى مصلحة في محاسبة قومٍ، ان لم يكن فيهم من يدلهم حيث وجود الله وتعاليمه،” وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً”
من بعد هذه المقدمة البسيطة، التي أثبتت وجود الصراع مع اختلاف منشأه، نورد بعض الأدلة القرآنية، التي تدعم المنظور الإسلامي في الصراع بين البشرية، والذي تصفه بأنه صراع بين الخير والشر، إبتدأ منذ اللحظة التي نفذ فيها الغرور والتكبر في أحشاء “إبليس” وأمتنع من السجود لــ” أدم” عليه السلام، ومن الملفت للنظر بأن تسمية “الفرقان”، لكتاب الله تفسر لأنه فرق بين الخير والشر، وإن مجمل ما يتحدث به، هو فض ذلك النزاع المدوي منذ الأزل، وطرح مفهوم التعايش السلمي والسلام في البشرية، وعلى هذا الأساس جاءت تسمية”الإسلام”
قال الله تعالى: {ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق} وقال: {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم}، ويتحدث الله أيضاً، بأن الصراع يأتي أحيانا من العذاب والسخط على الأقوام لأفعالهم، فيقول: وما ربك بظلام للعبيد، ولكن انفسهم يظلمون” وقال أيضاً (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) ولعل قصة فرعون في قوم “موسى” مصداق واضح للصراع البشري، والذي يصفه القرأن بأبشع صورة ومنظر، فيقول”آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ”
نصل الى حقيقة تقول بأن التحديات التي تحيط البشرية، لم تكن وليدة لحدث او صدفة بالعهد القريب، وإنما هو صراع أزلي يلقي بضلاله على المجتمعات والشعوب في بلدان العالم، ولأن العرب تنصلوا عن مسؤولياتهم في مسك زمام العالم، خلال هذه الفترة التي خلت من الشعوب المثقفة، التي تدعو وتدفع بهذا الإتجاه، علينا أن نخلق من رحم التحديات، جيلاً يؤمن بقدرته على التغيير وقيادة العالم، وأن نكون بمستوى المسؤولية، للوقوف مع من تتصف فيهم صفات القيادة المؤثرة الفاعلة.
العراق وكونه قطب الرحى، الذي تدور حوله أقراص الصراع، من حيث شمولية المكونات الأساسية المتصارعة ( المسلمين والمسيح واليهود)، جعله المستنقع الذي تطفوا على واقعه وأرضه، جميع التحديات الغير قابلة لإنشاء بلد يرقى بمستوى القيادة، ولكن لو رجعنا الى القرآن، وما تؤمن به الاديان الأخرى، سنجد أن الشعب هو بريق وقوة الفلز الوحيد، القادر على التحمل والقضاء على ترسبات ذلك الصراع في المنطقة، شرط أن يتوحد وينهي خلافاته الداخلية، والقائمة على أساس الخصخصة بين المكونات المجتمعية….. 
يتبع الجزء (2) لإثبات بأن العراق هو نقطة تحرك المنقذ الموعود الذي تتفق عليه جميع الاديان وملل الشعوب في العالم.