حكمه الأيام التي تعلمتها بعد رحله عمر ليست بالقصيرة ومغامرة في عالم ألكتابه والإعلام لم تخرج منها الروح ولا الجسد سالمين تماما وهي : أن الأمم لا تتوقف عند رجل بحد عينه أيا كان عظيما ومبدعا ومؤثرا في تاريخها ….. وكل رجل يمكن الاستغناء عنه او تعويضه بأخر قد لا يسد الفراغ وقد لا يعوض تماما عن سلفه لكن الحياة ستمضي الى الإمام …. مثلما لا يمكن لأي رجل او أمراه آيا كان أن ينوب محل حركه… ولا لأي زعيم او قائد ان يحل محل ثوره ولا لسلطه ايا كانت عادله او غاشمة او متجبره او قادره على إغراق شعب بالرفاهية لتعوضها عن الديمقراطية أن تحل محل شعب.
ولكن ما لا يمكن الاستغناء عنه ولا يمكن التضحية به هو ألامه والشعب وضمير هذه ألامه وصوتها الحر الحقيقي وصداه الإعلامي الشريف الذي هو من أعمده وركائز الديمقراطية الحقيقية وبناء المجتمعات خاصة تلك التي خرجت من تحت نير الدكتاتورية.
سأكتب هنا بدون رتوش او مجامله لأحد بعد ان تواصلت عمليه التراجع والفشل في مؤسسات الإعلام الحكومي في العراق منذ ثمان سنوات فقد خسرنا فعلا الإعلام الحكومي بعد عام 2003م رغم الأجواء الديمقراطية والملفات الساخنة التي تشد المتابع لأننا خسرنا السياسة ولان المشروع الوطني كان محاطا بأكثر من علامة استفهام في ظل الاحتلال والمحاصصه الطائفية وشراء الذمم والاقلام ؟
وأقول ثانيه إننا خسرنا الإعلام الحكومي رغم ملايين الدولارات من الخزينة الحكومية التي تم هدرها ليس فقط لانه إعلام سلطه لم يكن دائما مع الحقيقة التي يعرفها الكثيرون بل لانه إعلام يلجا بوقاحة إلى الكذب وإرضاء السلطة لا الناس ومجامله المسئولين وتكريس استراتيجيه التوافق في كل شئ على حساب الحقيقة وهو لايختلف كثيرا عن ا الإعلام الموجه في حقبه الصحاف الذي سمى الهزيمة نصرا رغم ان الدبابات الامريكيه وطأت قلب بغداد وبعض من أسباب هذا الفشل تكمن فيمن تم منحهم الثقة لأداره هذه المؤسسة الخطيرة في أصعب منعطف عرفه العراق في تاريخه الحديث ولم يكن مهنيا او موضوعيا او نزيها وبعضهم لم تكن له أي علاقة بالإعلام أصلا لتكون النتيجة وليدا مشوها وخسران القضية مثل محام فاشل خسر قضيه عادله رغم كل الادله والشهود التي بين يديه وهو مدافع عن ضحيه فيما استطاع خصمه الدفاع بحنكه وذكاء عن قتله وإرهابيين ومجرمين وساسه مقنعين وراقصين على حبال السلطة والإرهاب وحيتان سرقوا المال العام والحصول لهم على تعاطف جماهيري قلب الحقيقة في عيون الرأي العام المتلقي للخبر وتغطيه الحدث ومتابعه ما يجري من وجهات نظر مختلفة.
وهذا درس على الحكومة ان تعيد النظر به أما بالتخلي عن هذه المؤسسة او أعاده تصحيح المسيرة برمتها من خلال استطلاع الرأي العام العراقي ومعرفه وجهه نظره بما أنتجته شبكه الإعلام العراقي لسبب بسيط انه لم يعد هناك مكان لقناه بغداد والشباب او جريد الجمهورية والثورة وألف باء كحل وحيد أمام راي عام لديه خيارات وتنوع مصادر الإعلام بكل إشكاله وتناقضها واختلاف خبراتها وتقنيات تأثيرها العالية والمهنية على المتلقي وإيصال الفكرة والمعلومة وتناول الحدث بسرعة وحنكه وهذا ما يضع الإعلام الحكومي في مواجهة تحد كبير وشرس لن يكون قادرا على مواجهته وهو مكبل اليدين او خاضع للانتهازيين وغير المهنيين مع اعترافنا بان هذه ألشبكه لديها من القدرات الابداعيه الكثير ممن يخنقون بالروتين او المكبلين الأيدي او مخنوقي الأصوات.
استطيع الجزم انه في كثير من الجولات خسرت شبكه الإعلام العراقي الحكومية بالضربة القاضية أمام منافسيها المعروفين في حلبه المنافسة المفتوحة كل يوم وفقدت الجمهور العريض والذكي في العراق وبدلا من الاستفادة من تجربه الآخرين لتطوير أدواتها وتقنياتها يوغل الإعلام الحكومي في الخطأ ولا يجد قادته سوى تجربه وزاره الثقافة والإعلام في زمن الحرب والحصار ليستحضروا روح لطيف نصيف الجاسم والصحاف ومهرجانات الشعر الشعبي والأغاني الحماسية بسذاجة مفرطة جعلت الملايين يشيحون بوجوههم عنها بعد ان فشلت حتى في نقل وجهه نظر الحكومة في خلافاتها مع الخصوم السياسيين او تحويل الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق الى نصر جماهيري في وجدان الشعب بينما حول خصومهم دوما حدثا بسيطا ومفتعلا ( مثل قضيه صابرين الجنابي )الى ضجة كبرى أقلقت الحكومة وأزعجتها.
وانأ هنا لا أدافع عن طرف ضد أخر بل أتناول بحياديه فشل الإعلام الموجه الذي هو مطيه للحكومة وليس صوتا للحقيقة دون ان ننسى ان اغلب الذين يديرون او يعملون في القنوات والصحف المعارضة سبق لهم ان عملوا في الاعلام الحكومي في ألحقبه السابقة للإعلام المركزي الموجه واستطاعوا بنجاح ان يطوروا أساليبهم في العمل وفق مستجدات الإعلام الحديث بعد عام 2003.
لماذا مثلا لم يحصن الإعلام الحكومي الرأي العام ضد محاولات البعض النفخ في رماد الحرب الطائفية مجددا بعد تفجيرات الخميس التي أحرقت إحياء مختارة في بغداد بإتقان من قبل الإرهابيين ويستعرضوا قدرات ونجاحات الاجهزه الامنيه في تفكيك وتصفيه خلايا الارهاب لتقويه الروح المعنويه للمواطن ؟؟؟ لماذا لم تنتقل كاميرات العراقية في نفس اللحظة التي وقعت فيها 12 عمليه ارهابيه لتقدم للرأي العام ان الإرهاب الذي فقد كل مبرراته بعد الانسحاب الأمريكي إنما يستهدف أطفال المدارس والفقراء المدنيين من كل مكونات الخليط الوطني العراقي وتقديم تقارير إعلاميه ذات وقع وصدى على الضمير العراقي والعربي والعالمي تستخدم ألصوره والتعليق والمونتاج والموسيقى بذكاء؟؟؟
هل كان من الصعب تقديم صور عن هذه المجزرة تتخلل البرامج أليوميه ونقل صور الدماء والأشلاء وصراخ الأمهات واسر الشهداء واسر الجرحى الغارقة بالدماء وتشييع الأبرياء الى مثواهم الأخير لفضح حقيقة الإرهاب وتحفيز الشعب اكثر للوقوف ضدهم؟؟؟ ولماذا اختار رئيس الوزراء مثلا قناة السومرية مثلا للحديث عن تفاصيل ألازمه ألراهنه بدلا عن قناة العراقية أليس في ذلك اعتراف بضعف جماهيريه هذه ألقناه ؟؟؟
الذي حصل ويتكرر يوميا ليس اعتماد خطوات للتعلم والتطور وتقييم العطاء بل الاستعاضة عن ذلك بصراخ الشعراء الشعبيين ( مع كل احترامنا وتقديرنا لهم ولإبداعهم حين ياتي في الوقت المناسب ) لاستثاره مشاعر بدائيه وكان فلاح عسكر و جوقة المطبلين للحرب والدكتاتورية وبدلات الزيتوني والمسدسات وأهازيج صور من المعركه يتم استحضارها بسذاجة مفرطة بدلا من الاستفادة القصوى من الإحداث الدامية والساخنة وقدرات تقنيات الإعلام ألحديثه .
كان يكفي على الأقل مراقبه القنوات والصحف العربيه ألمعروفه للتعلم منها أليس من المؤسف ان تغطي قنوات عربيه عده حدث الانسحاب الأمريكي من العراق وتعتبره أهم إحداث نهاية العام الماضي وتقدم أفلاما عن تاريخ العراق وعلاقته بالاحتلال منذ الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم وتربطه عبر تقاريرها المصورة بالإحداث الجارية في سوريا والمنطقة بينما كانت ألتغطيه العراقية باهته وغير مؤثره ليوم استعاده السيادة الوطنية .
لمن يكن غريبا إذا ان يستعيد السيد الشبوط موقعه ثانيه في الصباح وان يتم طرد مبدعين عراقيين هما احمد عبد الحسين وعبد الستار البيضاني لان المطلوب هو إخلاء الساحة الاعلاميه العراقية من كل المخلصين والمبدعين والرافضين لثقافة القطيع وقرع الطبول وإشعال البخور للسلطة ودفن الرؤؤس في الرمال وتسميه الأمور بغير مسمياتها لكي لا يرى الناس الحقيقة المره بتفاصيل إهمال الخدمات والرشوة والفساد وسيارات النخب وهي تجوب شوارع المدن وتخصيص اسبوع من جلسات البرلمان لاستجواب امين العاصمة وعشرات القوانين موضوعه على الرف و الملايين من العاطلين يتطلعون الى افق مظلم بينما الإعلام الحكومي يقدم في صباحات كل يوم بغداد وكأنها جنيف بل ربما أحلى!!! دون حياء
على الحكومه العراقية أن تدرك ان الحقيقة مهما كانت مره أفضل مليون مره من البروباغندا الغارقة بالأكاذيب والتي يجب ان تختفي من عالم الإعلام لان الله والضمير الوطني مع الصادقين وبناء الثقة لايتم الامن خلال نقل الحقائق بلا رتوش…. لان الإعلام طائر حر لايمكن وضعه بقفص ولا يمكن تدجينه ليحمل الرسائل مثل طيور الزاجل بين السلطة والشعب الذي تعددت منابع معرفته ومصادر حصوله على الخبر وان الجمهور حين يفقد ثقته بأي قناة او صحيفة يصبح من الصعب جدا استعاده هذه الثقة خاصة حين يبعد عنها المخلصون والشرفاء وتبقى بيد من يسيل لعابهم لهبات من لايضمرون لشعبنا خيرا.