التداعيات المؤسفة التي بدأت في البلاد ربما ستؤدي إلى عواقب غير حميدة وتفاعلات غير رشيدة , مما قد يأخذ البلاد إلى مفاوز الضياع والخسران والخراب , ويدفع إلى تبديد الطاقات والقدرات في غير مواضعها الصحيحة.
وقد ذكرنا في مقالات سابقة أن الطبيعة السلوكية السياسية العراقية لا تصلح للمشاركة , وأن التاريخ القريب والبعيد يؤكد أن الكراسي تتصارع ولا تتشارك أو تتفاعل.
وتجربة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف معروفة, وكذلك تجارب أخرى إتسمت بالتفاعلات السياسية الفاسية. كما أن الأعوام التي تلت إسقاط المَلكية , لازالت ماثلة أمام الذين عاصروها. فالأحزاب العراقية تتماحق , والقيادات العراقية يلغي بعضها البعض.
فالمشاركة لا تصلح…
والمحاصصة لا تصلح…
وكل نظام أو سياسة ذات نفس حزبي أو فئوي لا تنجح , لأنها ستتحول إلى نظام الحزب الواحد والقائد الأوحد وما ستترتب على ذلك من تداعيات مريرة.
وعلى مر العهود , لم يكن العراقي والعراق من أولويات الأنظمة السياسية , وإنما الكرسي والمنافع الشخصية , مما أدى إلى تدمير جميع الأحزاب التي ظهرت في العراق.
وفي هذه المرحلة يبدو أن التفاعلات الحزبية قد عادت إلى مربع ما قبل الصفر , وكأنها تريد أن تعلن عن عودة أحداث عام 1963 , ونحن على مشارف العام الثاني من العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين, مما يشير إلى أن العقلية الحزبية والتصورات السياسية لم تتبدل , وإنما هناك مراوحة وتراجع وإنحدار إلى ما هو أسوأ من الذي كان. إن هذا المأزق المشين , يشير إلى أن الكراسي لم تكن في الحكم على مدى السنوات السابقة وأنها بدأت تجرّب الحكم قبل أيام , مما دفع بها إلى التعبير عن نوازعها الحقيقية ودوافعها المؤجلة.
وهذا يعني أن الحاضر والمستقبل ليس بخير, وأن ناعور التفاعلات السلبية سيدور , وستتحول البلاد إلى ساحة إضطرابات ومواجهات تبدد ثروات وطاقات المجتمع بأسره.
وسيندفع الناس نحو التكتل والتخندق في مواضع دفاعية وسيعم الشك والخوف والرعب , وستتفاقم المعاناة وتزداد الهجرة من الوطن.
إن المرحلة الحالية تحتاج إلى قائد تاريخي بمستوى القادة الأفذاذ الذين بنوا الأوطان , وشيدوا صرح الوجود الحضاري لمجتمعاتهم.
تحتاج لقائد حكيم حليم بصير يرى بعيون الوطن والتاريخ والإنسانية , ويتفاعل مع زمنه بنكران ذات وثقة وقوة وثبات لتأكيد قيم ومعايير السلوك الوطني الديمقراطي الصالح للأجيال.
فهل ستلد المرحلة قائدا بحجم العراق. أم أن الولادات قيصرية , والمولود مصاب بأضرار البصيرة والرؤية السقيمة لإنقطاع أوكسجين الحياة عن دماغه الضرير.
وهل من مجلس خبراء إستشاري تستند عليه الحكومة.
فالفرد قاصر ومباد.
والجمع يصنع المراد.