لماذا تبددت الأماني التي حملها التغيير بزوال النظام الديكتاتوري في العام 2003 ؟ لماذا لم تنجح الديمقراطية في العراق بتحقيق العدالة و الأمان و الرفاه للشعب العراقي ؟ و لماذا وقعت على رؤوس العراقيين كل هذه المصائب ؟ هل لأن حكومات في المنطقة وجدت بهذا التغيير خطر على مصالحها فقامت بكل شيء من أجل أن لا يظفر العراقيين بنيل نظام سياسي معاصر و حياة كريمة ؟ أم لأن التغيير تزامن مع استفحال ظاهرة الجماعات التكفيرية في المنطقة و العالم ، و بسبب حل الأجهزة الأمنية العراقية دخلت هذه الجماعات إلى العراق و تمكنت من مد نفوذها الذي أعجز أي تقدم سياسي و اقتصادي و بالنتيجة كل هذا السوء الذي نعيشه ؟
في الحقيقة كل هذه الأسباب واقعية و فعلية ؛ إلا أن سوء الإدارة الذي حصل و لا زال يعد أهم من كل هذه الأسباب ، بل قد يكون هو أبرز أسبابها ، إلا أن ( سوء الإدارة ) هذا لا يمكن وصفه بمجرد هذا العنوان ، وقد تنفع إثارة معالم هذه السوء عندما نطرح مفرداته كالمحاصصة الاثنية و الطائفية و الحزبية ، و الفساد المالي و الإداري ؛ و حتى نتصدى لصورة أُريد منها أن تكون مبرر لبعض هذه المفردات ، عندما يحتج البعض على هذه المفردات بالأسباب الأولى ، بمعنى أن هناك من يرى أن الفساد الإداري هو نتيجة للتدخلات الخارجية الحتمية ، أو لاستثنائية المرحلة أو أنها جاءت في سياق يرتبط بمعاناة محددة وقعت على أبناء هذه القومية و تلك الطائفة .
دعونا نتحدث عن جزء من النظام العراقي عاش ما عاشته التجربة العراقية بعد العام 2003 ، و بعدها سنكتشف ما أعتقد أنه جدير بالاهتمام
القضاء العراقي هو ركن من ثلاث أركان تشكل السلطات في العراق ، و السلطة القضائية الاتحادية هي كذلك تتكون كما السلطات الأخرى من أجزاء كبيرة ، فهناك مجلس القضاء الأعلى بكل مكوناته ، و المحكمة الاتحادية العليا و محكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام و هيأة الأشراف القضائي ، و كل واحدة من هذه تتكون من مؤسسات و أقسام ، إلا أنك لن تجد أن مواقعها تتحدد بالاتفاقات السرية في العواصم الإقليمية أو الدولية كما يحصل في باقي السلطات ، و لن تجد أن مواقعها الثانوية أو الوسطى تتشكل على أساس أتفاق المصالح بين المهيمنين على مراكز القرار ، لن تجد في أي جزء من السلطة القضائية شخص لا يحمل الشهادة و يتولى منصبا إداريا أو أي موقع فقط لأنه من حصة هذه الجهة ، و هذا الأمر جعل القضاء كذلك ليس من السلطات التي تتفشى بها ظاهرة الفساد المالي ، نعم قد يرتشي بعض الموظفين أو المدعين أو السماسرة في المحاكم العراقية أو في المؤسسات القضائية الأخرى ، لكن هل يستطيع أحد أن يقول أن القضاء العراقي فاسد ؟ بل هل استطاعت الجهات المختصة أن تثبت حالات فساد عند القضاة كما يحصل في السلطات الأخرى عند كبار المسئولين و الموظفين ؟
نعم حصلت بعض الحالات الفردية و القضاء نفسه هو من كشفها و حاسب الفاعل فيها ، و بهذا يتضح أن و من تجربة القضاء العراقي يتضح أن الأسباب الخارجية لا يمكن اعتبارها أسباب حتمية على السوء في الإدارة ، و أن السلطات الأخرى لو أنها قامت بما عليها كما ينبغي لكنا حققنا الكثير من التطلعات التي تأملناها بعراق ما بعد التغيير .عن القضاء العراقي
حجي كشيش
لماذا تبددت الأماني التي حملها التغيير بزوال النظام الديكتاتوري في العام 2003 ؟ لماذا لم تنجح الديمقراطية في العراق بتحقيق العدالة و الأمان و الرفاه للشعب العراقي ؟ و لماذا وقعت على رؤوس العراقيين كل هذه المصائب ؟ هل لأن حكومات في المنطقة وجدت بهذا التغيير خطر على مصالحها فقامت بكل شيء من أجل أن لا يظفر العراقيين بنيل نظام سياسي معاصر و حياة كريمة ؟ أم لأن التغيير تزامن مع استفحال ظاهرة الجماعات التكفيرية في المنطقة و العالم ، و بسبب حل الأجهزة الأمنية العراقية دخلت هذه الجماعات إلى العراق و تمكنت من مد نفوذها الذي أعجز أي تقدم سياسي و اقتصادي و بالنتيجة كل هذا السوء الذي نعيشه ؟
في الحقيقة كل هذه الأسباب واقعية و فعلية ؛ إلا أن سوء الإدارة الذي حصل و لا زال يعد أهم من كل هذه الأسباب ، بل قد يكون هو أبرز أسبابها ، إلا أن ( سوء الإدارة ) هذا لا يمكن وصفه بمجرد هذا العنوان ، وقد تنفع إثارة معالم هذه السوء عندما نطرح مفرداته كالمحاصصة الاثنية و الطائفية و الحزبية ، و الفساد المالي و الإداري ؛ و حتى نتصدى لصورة أُريد منها أن تكون مبرر لبعض هذه المفردات ، عندما يحتج البعض على هذه المفردات بالأسباب الأولى ، بمعنى أن هناك من يرى أن الفساد الإداري هو نتيجة للتدخلات الخارجية الحتمية ، أو لاستثنائية المرحلة أو أنها جاءت في سياق يرتبط بمعاناة محددة وقعت على أبناء هذه القومية و تلك الطائفة .
دعونا نتحدث عن جزء من النظام العراقي عاش ما عاشته التجربة العراقية بعد العام 2003 ، و بعدها سنكتشف ما أعتقد أنه جدير بالاهتمام
القضاء العراقي هو ركن من ثلاث أركان تشكل السلطات في العراق ، و السلطة القضائية الاتحادية هي كذلك تتكون كما السلطات الأخرى من أجزاء كبيرة ، فهناك مجلس القضاء الأعلى بكل مكوناته ، و المحكمة الاتحادية العليا و محكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام و هيأة الأشراف القضائي ، و كل واحدة من هذه تتكون من مؤسسات و أقسام ، إلا أنك لن تجد أن مواقعها تتحدد بالاتفاقات السرية في العواصم الإقليمية أو الدولية كما يحصل في باقي السلطات ، و لن تجد أن مواقعها الثانوية أو الوسطى تتشكل على أساس أتفاق المصالح بين المهيمنين على مراكز القرار ، لن تجد في أي جزء من السلطة القضائية شخص لا يحمل الشهادة و يتولى منصبا إداريا أو أي موقع فقط لأنه من حصة هذه الجهة ، و هذا الأمر جعل القضاء كذلك ليس من السلطات التي تتفشى بها ظاهرة الفساد المالي ، نعم قد يرتشي بعض الموظفين أو المدعين أو السماسرة في المحاكم العراقية أو في المؤسسات القضائية الأخرى ، لكن هل يستطيع أحد أن يقول أن القضاء العراقي فاسد ؟ بل هل استطاعت الجهات المختصة أن تثبت حالات فساد عند القضاة كما يحصل في السلطات الأخرى عند كبار المسئولين و الموظفين ؟
نعم حصلت بعض الحالات الفردية و القضاء نفسه هو من كشفها و حاسب الفاعل فيها ، و بهذا يتضح أن و من تجربة القضاء العراقي يتضح أن الأسباب الخارجية لا يمكن اعتبارها أسباب حتمية على السوء في الإدارة ، و أن السلطات الأخرى لو أنها قامت بما عليها كما ينبغي لكنا حققنا الكثير من التطلعات التي تأملناها بعراق ما بعد التغيير .